"قرطاس" الطعمية ومهنة الديناصورات أبرز نقاشات شباب الإعلاميين حول أزمة الصحافة - E3lam.Com

سما جابر

قد تكون الجلسات والندوات التي عُقدت للحديث عن الإعلام والصحافة في مصر ومستقبلهما غير مجدية في بعض الأوقات، لكنها في النهاية تحاول التوصل إلى حلول لأزمة الإعلام المصري، التي يعاني منها المتلقي قبل العاملين بها، وتوصيل صوت أصحاب مهنة “البحث عن المتاعب” لمن يتحكموا بالعمل الإعلامي في مصر.

وضمن حلقات النقاش التي يقوم بها النادي الإعلامي بالمعهد الدنماركي المصري بشكل دوري، أقيمت بأحد فنادق وسط القاهرة مساء أمس السبت، جلسة نقاش تحت عنوان “الإعلام المصري إلى أين؟.. رؤية شبابية” وذلك بحضور عدد من شباب الصحفيين، وهم أحمد سمير وإسماعيل الأشول وإيمان الوراقي وآية عبد الله وحسام الدين حسين ورحاب إسماعيل وسارة سيف ومحمد الحداد ومحمود سعد الدين ومروة عبد الله، الذين تحدثوا خلال الجلسة عن أبرز المشكلات التي تواجه العاملين بالإعلام، وروى كل منهم بعض المواقف التي تعرضوا لها خلال بداياتهم في العمل الصحفي والإعلامي، وكيف أثّر ذلك عليهم، وطروحوا رؤيتهم للإعلام بشكل عام.

امتلأت القاعة عن آخرها بعدد كبير من شباب الجامعات والمراسلين لبعض القنوات والصحفيين وشباب مبادرة ميدياتوبيا، كل منهم جاء محملًا بأعباء المهنة وإيجابياتها.. حاول بعضهم طرح بعض المشاكل التي تواجه الكثير من الشباب العاملين بالمجال للتوصل إلى حلول مناسبة، وآخرون فقدوا الأمل في الوصول بالإعلام لمرتبة أرقى مما هو عليها.

الأمان المهني

مشكلة طرحها المراسل لقناة اكسترا نيوز محمد الحداد، فعدد من العاملين بالمجال لا يشعرون بالأمان، حيث لا يملك بعضهم ما يثبت أنه ينتمي لمؤسسة ما، بجانب التهديد باستبعاده في أية لحظة بسبب الأزمات التي تواجه الإعلام بكافة أشكالها، فهم مهددون طوال الوقت، كذلك عدم حصول الصحفي على كافة حقوقه المادية والصحية وغيرها.

وهو ما فتح النقاش بين الحضور وأيد معظمهم تلك الفكرة مؤكدين أنهم يشعرون بغياب الأمان، فيما أوضح حسام الدين حسين مذيع ON LIVE أن الحل الوحيد لتحقيق الأمان هو وجود كيان يدافع عن العاملين ويصون مصالحهم، متمثلًا ذلك في النقابة، أما فكرة الاعتماد على ضمير المؤسسة فهذا رأي خاطئ.

مهنة الديناصورات

شبه محمد الحداد مهنة المراسل الصحفي بأنها مثل “الديناصورات” معرضة للانقراض في أي وقت، حيث لفت إلى أن ما ينقص هذه المهنة هو التدريب والثقافة وتعدد المصادر، لكن ما يحدث حاليًا أنه لم يعد مكان للنقاش الجرئ مع المسؤولين، كما أصبح اختيار المراسل للعمل بالمؤسسة، ليس بناءً على كفاءته أو مهنيته بل على قدرته على “مسك الحديدة”، حيث أصبح كل المراسلين يشبهون بعضهم البعض وأخبارهم واحدة ومصادرهم واحدة فلا يوجد جديد، مُضيفًا أنه إذا استمرينا على هذا الوضع سيكون مصير مهنة المراسل الانقراض مثل الديناصورات.

من قرطاس الطعمية للصحافة الورقية

من أطرف وأغرب القصص التي طُرحت خلال الجلسة هي قصة بداية الكاتب الصحفي ورئيس تحرير موقع برلماني محمود سعد الدين، الذي أكد أن سبب دخوله عالم الصحافة هو “قرطاس” طعمية، ففي أثناء وجوده بالقاهرة في زيارة لأحد أقاربه، وخلال شرائه “قرطاس” طعمية وبطاطس وجد القرطاس مكتوب عليه “سري للغاية” وأنه مُرسل من الإدارة العامة لمباحث أمن الدولة بلاظوغلي إلى إدارة ميناء الإسكندرية ومفاد الخطاب أن هناك جماعات إرهابية من المقرر أن تمر عبر الميناء، أما القرطاس الآخر كان من وزارة الداخلية ومفاده أن قوات نفاذ القانون للحكومة المتحدة بسيناء قبل أن ينتقلوا إلى سيناء سيكونوا موجودين بالقاهرة، وعليه قرر أن يستفيد بالورقتين للدخول منهما إلى عالم الصحافة حيث حاول مع أكثر من جريدة نشر محتوى “القراطيس” لكنهم رفضوا، إلى أن ذهب إلى خالد البلشي رئيس تحرير البديل، ليفاجأ بعد عودته إلى بلده بمن يبحثون عنه بعد نشر تقرير يحمل اسمه بعنوان “مراسلات الداخلية عند بائع الطعمية” ومن خلاله دخل عالم الصحافة.

صحافة الصوت الواحد

قد تكون الأزمة الأبرز التي تواجهها الصحافة حاليًا هي أنها أصبحت “صحافة الصوت الواحد” المتحيزة لوجهة نظر واحدة والداعمة للسلطة، هكذا كان رأي عدد كبير من الحضور والمتحدثين، الذين يروا أن الصحافة ستظل في تدهور مستمر طالما ما زالت غير قادرة على تنوع الآراء، حيث عرض “الحداد” نحو 5 صحف صادرة في نفس اليوم، منها 3 صحف قومية وصحيفتين خاصتين وجميعهم جاء المانشيت الرئيسي فيهم واحد.

افتقاد الثقة

بالتزامن مع أحداث العريش الحالية أكد إسماعيل الأشول أن المتلقي المصري أصبح يبحث عن الحقيقة فيما يحدث في سيناء من خلال البحث في وسائل الإعلام غير المصرية، وهو ما أكده الكاتب الصحفي أحمد سمير حيث أشار أنه منذ عام 2005 وحتى عام 2014، كانت هناك وسائل إعلام مصرية يمكن الاعتماد عليها في معرفة الحقيقة، لكن بعد ذلك أصبح اللجوء إلى الوسائل غير المصرية هو الحل لمعرفة ما يحدث، مؤكدًا أن دور الصحفي المصري عرض المشكلة لأنه لا يمتلك أي حل لها.