التحالف مستمر بين "أخبار الدعارة" و"الأكثر قراءة"

أحمد حامد دياب

إذا زرت باب الأكثر قراءة في أي موقع إلكتروني عام ستجد أن أخبار الحوادث وتحديدًا المتعلقة بجرائم الشرف والدعارة هي التي تتصدر القائمة، ولم يختلف ذلك عما كان يحدث قديمًا، حيث اعتمدت بعض الصحف في السابق على مثل هذه الأخبار لجذب عدد أكبر من القراء، وتحقيق نسبة مبيعات أكثر، أما الآن فالبحث عن “الترافيك” وتحقيق انتشار وشهرة حتى وإن كانت “وهمية”، أصبح هو الهدف الرئيسي من نشر تلك الموضوعات حتى وإن كان باستغلال الجمهور المتلقي للأخبار.

الانتشار الواضح لمثل هذه الأخبار أثار العديد من التساؤلات والتي أبرزها: لماذا أصبحت أخبار الدعارة في قائمة الأعلى قراءة دائمًا؟ هل طريقة عرض الأخبار بما تحتويه من تفاصيل مثيرة أو صورًا معينة هي السبب؟، أم أن القراء أصبحوا من هواة أخبار الفضائح حتى وإن كان عنوان الموضوع لا يدل على ذلك؟

وهل أصبح من المطلوب من الصحافة عدم نشر مثل تلك الأخبار والمساهمة في انتشارها؟، أم وضع معايير ونشرها بطريقة معينة لحتى لا يكون الهدف الأساسي منها هو جلب الترافيك فقط؟

إعلام دوت أورج استطلع آراء بعض الخبراء والمتخصصين لتحليل سبب سيطرة هذا النوع من الموضوعات الصحفية على قائمة الأكثر قراءة في المواقع الإخبارية.

رأي علم النفس

قالت الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس الجنائى بالمركز القومي للبحوث الجنائية والإجتماعية إن الفضول وإشباع غريزة الإطلاع على المسكوت عنه هو السبب الرئيسي لإقبال المصريين على هذه النوعية من الأخبار.

وأضافت فى تصريح لـ إعلام دوت أورج أن الخيانة الزوجيه ضمن القضايا المسكوت عنها وبالتالى عند وجود خبر عن الخيانة الزوجية فإن حب الإستطلاع والفضول يتملك القارئ مما يجعله يٌقبل على هذه النوعية من الأخبار.

خطر على المجتمع

وحذرت فايد من خطورة هذه الأخبار ووقعها على المجتمع خاصة فى حالة سرد تفاصيل الخيانة الزوجية وطريقة حدوثها وطريقة تواصل الزوجة الخائنة مع عشيقها وهكذا.

وقالت فايد إن خطورة ذلك أنه يتشكل لدى القارئ طريقة الجريمة كونه تعود على قراءة هذا النوع من الجرائم باستمرار خاصة فى ظل حالة الأمية والجهل والتخلف الثقافى والإجتماعي الذى يعانى منه المجتمع المصري.

وكررت فايد التحذير من خطورة نشر هذه الأخبار بتفاصيلها الدقيقة بسبب إنتشار الإدمان بين الشباب مما يجعل الشاب المدمن تتخمر فى ذهنه طريقة تنفيذه للجريمة التى سبق أن قراء مثلها على المواقع الإخبارية.

شروط نشر هذه النوعية من الأخبار

ولكونه من الصعب منع أى صحفي من نشر خبر جريمة سألنا أستاذة علم النفس السياسي عن الشروط التى يجبب أن تتوافر فى هذه الأخبار لتلافى آثارها السيئة، حيث قالت “فايد” إنه لا مانع من نشر هذه الأخبار ولكن بشروط محددة وهى عدم الخوض فى تفاصيلها مع ضرورة التلميح إلى العقوبة المنتظر الحصول عليها نتيجة إرتكاب هذه الجرائم بالتلميح مثلاً “وطبقاً للقانون فإنه من المفترض أن يحصل العشيق وعشيقته على حكم بالإعدام شنقاً”

وأكدت “فايد” على فائدة هذه الإضافة حيث إنها تجعل هناك رادع لإرتكاب مثل هذه الجرائم وتوضح للجميع أن من سيفعل هذا سيكون مصيره هكذا مع التأكيد على عدم الخوض فى تفاصيل هذه الجرائم.

تبرير جرائم الدعارة

أما الأخبار من نوعية “أمارس الدعارة من أجل دفع الإيجار أو الإنفاق على أسرتى”

قالت فايد إن هذه الأخبار تعطى المبرر لإرتكاب مثل هذه الجرائم وتخلق حالة من التعاطف مع من إرتكبت هذه الجريمة الأخلاقية وشددت على الضرر الناشئ من هذه الأخبار التى تبرر الفعل وتقول لكل من تحاصرها أزمة إقتصادية يمكنك العمل فى الدعارة لحل أزمتك مثلما فعلت هذه السيدة وأن ذلك ترويج غير مباشر لهذه الجرائم

مستشار نفسي فى كل جريدة

اقترحت أستاذ علم النفس السياسي على القائمين على العمل الصحفي بضرورة الإستعانة بمستشار نفسي يحدد ما يجب أن يٌنشر وما يجب منعه من النشر من أجل صيانة المجتمع والحفاظ على طابعه الأصيل.

أخبار ممنوعة

الكاتب الصحفي سامي عبدالراضي رئيس قسم الحوادث بجريدة الوطن قال لـ إعلام دوت اورج إن هذه النوعية من الأخبار كانت مستبعدة تماماً ولفترة طويلة من النشر فى جريدة المصري اليوم والتى كان من مؤسسيها فى بداية الألفية الجديدة.

لأنه من المعروف أن جرائم القتل بسبب الخيانة الزوجية وجرائم الشرف تحدث بنسب بسيطة جداً لا تٌذكر.

وأضاف عبدالراضي أن نشر مثل هذه الأخبار يحتاج إلى معايير ثابتة وواضحة مهنية وأخلاقية وهذا غير موجود فى الوقت الحالي.
وأكد أنه يكفى الإشارة فى الخبر إلى وقوع خيانة زوجية دون الخوض فى تفاصيلها حفاظاً على الأخلاقيات العامة فى المجتمع وحفاظاً على الأسرة المصرية مشيراً الى أن وضع عنوان مثير للخبر يٌعتبر أحد أشكال عدم إحترام القارئ مؤكداً أنه لابد أن تكفل معايير نشر هذه الأخبار جزء من الإحترام للقارئ فهي تعتبر “عناوين كباريهات” على حد تعبيره.

وقال عبدالراضى إنه شخصياً ضد نشر هذه الأخبار التى يتم صياغتها بطريقة لا تحترم القارئ مؤكداً على أن الصحفي الذى صاغ هذه الكلام لم يكن موجودا خلال قيام هذه الجريمة ولم يشاهد ما حدث بين العشيقين مرتكبي جرائم القتل مؤكداً انه يكفى كلمة الخيانة ليستنبط القراء ماذا حدث بدون الوقوع فى تفاصيل جريمة الخيانة.

حرام شرعاً

الشيخ أحمد عبدالحليم خطاب الباحث الشرعي قال في تصريح لـ إعلام دوت أورج أيضًا، إن نشر أخبار جرائم القتل بسبب الخيانة الزوجية بتفاصيلها المخجلة يعتبر من الأمور المحرمة شرعاً.

وأضاف خطاب أن وسائل الإعلام وخاصة ما يطلق عليه الإعلام الهابط ساهمت فى إنتشار مثل هذه الأخبار والتي تؤدي إلى تدني القِيَم والآداب والأخلاق في قلوب الأجيال الجديدة فى المجتمع، وذلك من خلال عزفها على وَتَر الجرائم و ذكرها بتفاصيلها متسائلاً ما الذي يفيد القاريء من مطالعة هذه الأخبار الفاحشة إلا أذيته في كل شيء؟! وتسائل أيضاً هل ارتدع القاريء بمثل هذه الأخبار؟!

وأضاف أنه يكفينا ذكر العقوبة مع التذكير بحكم الله فى جرائم الخيانة الزوجية وهو الرجم حتى الموت حتى يرتدع من تسول له نفسه فى إرتكاب مثل هذه الفواحش.

وأكد خطاب أن هذه الأخبار بتفاصيلها المملة تحرك نوازع الشر، وتحبِّب الفساد لقرائها، وذلك باستقرار الفساد في الأدمغة والقلوب من مداومة النظر والاطلاع على هذه الأخبار.

وحذر من خطورة نشر تفاصيل هذه الجرائم ونشر صورهم مما سيكون له الإثر السيئ على المجتمع.