كريم فرغلي يكتب : "لالا لاند" مصيدة التريلر الخادعة - E3lam.Com

facebook فيس

لم ينجح تريلر (إعلان) فيلم سينمائي في شحن حماسي لمشاهدته مثلما فعل تريلر فيلم “لالا لاند” La La Land.

3 أشهر وأنا أترقب صدوره و أنتظر تحديد موعد عرضه على أمل أن أعيش معه حالة قصوى من الإمتاع تضاهي ما سببتها لي أفلام مثل شيكاجو و مولان روج و الفنان (The Artist ) ..

 

الانطباعات السابقة أو ارتفاع سقف التوقعات قبل رؤية الأعمال الفنية خطير بلا شك و لكن ماشعرت به فعلا قبل اقتراب انتهاء الفيلم أنني لم أحلق مسحورا في فضاء لالا لاند رغم استعدادي التام لذلك ، فعلى مدى 128 دقيقة هي مدة عرض الفيلم تحقق إبهاري بالرقص والموسيقى في استعراضين فقط هما الأول و الأخير

 

كما توقعت أن تعلق في ذهني عدد من الألحان المغناه في الفيلم بعد انتهائه وهو مالم يتحقق أيضا ، أضف إلى ذلك بطء الإيقاع الشديد قبل اكتمال الساعة الأولى من مدة الفيلم ، وهو ما أثر على قوة البداية والنهاية رغم احتوائهما على الاستعراضين الأبرز والأكثر إبهارا .

 

ضخافة الإنتاج، إبهار الصورة، عذوبة الغناء عناصر أساسية في الفيلم الغنائي الاستعراضي الذي أعتبر نفسي واحدا من عشاقه إذا ماتم تقديمه بصدق وحرفيه واستطاع مخرجه تضفير الدراما بالرقص بحيث لا يبدو مقحما بهدف جذب الجماهير لشباك التذاكر

 

كثرة تفاصيل الفيلم الاستعراضي من تدريب الراقصين واختيار الألحان و الملابس والممثلين أصحاب القدرات الخاصة بالإضافة إلى العثور على قصة جذابة قابلة لتقديمها في إطار استعراضي أدى إلى ندرة تلك النوعية من الأفلام وصعوبة نجاحها بعد ذلك وهو ما يضيف تفسيرا جديدا لحالة الشغف التي انتابتني ضمن كثيرين انتظروا أن يحلقوا بكامل مشاعرهم في اللالا لاند .

 

ذلك الفيلم الذي بدا مشهده الأول مبشرا للغاية حيث قدم استعراضا عذبا مبهرا يدور في أحد شوارع مدينة لوس أنجلوس الأمريكية وهو ما أوحى باستمرار وهج البهجة والإبداع الذي ظل خافتا بشدة دون أن يساورني شك في عودته لا محالة ..

 

بعد الاستراحة انطفأت أضواء السينما من جديد وعدت متشبثا بقرار استمتاعي بالفيلم المنتظر إلى أن اكتشفت أن تشبثي برغبة الاستمتاع أكبر بكثير من استمتاعي الفعلي الذي لم يتجاوز ما شعرت به أثناء مشاهدة فيلم مقبول في أفضل الظروف .. فلا حبكة تستطيع الإمساك بها بين أحداث الفيلم ، ولاحافز أو رؤية جديده تدفعك للتوحد الكامل مع بطليه رغم نقائهما و معاناة كليهما في تحقيق الحلم الخاص بكل منهما وهو ما خلق تفاوتا كبيرا بين قوة الدراما و الاستعراض الذي جاءت مساحته الزمنية أقل من المتوقع أيضا

 

من الخطايا الكبرى اختزال قيمة الفيلم السينمائي في سؤال : قصته إيه ؟ لأن المعيار الأهم من الحكي هو طريقة الحكي أو ما يسمى سينمائيا بالمعالجة .. أي مدى قدرة الفيلم بلغة أبسط على تجسيد مشاعر الأبطال وأزماتهم وبالتالي توحد الجمهور مع هؤلاء الأبطال

 

لالا لاند فيلم ينتصر للحلم .. نعم .. هذا عظيم .. فالبطل سيباستيان(ريان جوسلينج Ryan Gosling ) يحلم بأن يمتلك نادي غنائي خاص به ينشر من خلاله موسيقى الجاز الكلاسيكية التي يعشقها كما تحلم حبيبته ميا (إيما ستون Emma Stone ) بأن تصبح ممثلة معروفة وهو ما ينجحا في تحقيقه رغم افتراقمها نهاية الفيلم .

 

والحقيقة أن اسم المخرج و المؤلف الأمريكي الشاب دميان شازيل Damien Chazelle لعب دورا مهما في حماسي المبالغ فيه لمشاهد لالا لاند حيث قدم شازيل منذ عامين واحدا من أروع الأفلام التي جسد من خلالها كيف يمكن أن يصل الشغف بصاحبه إلى حافة الجنون و هو Whiplash من بطولة مايلز تيلر Miles Teller والممثل القدير جي كي سايمونز J. K. Simmons

 

في لالا لاند برع شازيل في المونتاج واختيار الألوان فنجح في تقديم صورة براقة ومبهجة كما استطاع أن يستوحي من سينما هوليوود الغنائية القديمة شكلا أنيقا للاستعراضات تحاكي أفلام فريد استر و مارك ساندريتش مضيفا شكلا حالما أنيقا مثل الاستعراض الذي صعد فيه بطلي الفيلم إلى السماء ليرقصا سويا بين النجوم

 

أجاد شازيل أيضا تضفير الاستعراض بدراما الفيلم بحرفية شديدة خاصة في مشهد حضور ميا لحفل سيباستيان بعد افتراقهما لنفاجأ في نهايته بأنه من صنع خيالها بالكامل لكن ظلت المشكلة هي ضعف الدراما في الأساس .

 

لا أنكر أيضا رهافة الآداء التمثيلي لبطلي الفيلم ريان جوسلينج و إيما ستون بالإضافة إلى حرفية آدائها الراقص وهو ما يميز نجوم هوليوود من جدية التعامل مع متطلبات أدوارهم التي دفعت جوسلينج لتعلم العزف على البيانو خصيصا ليتمكن من عزف المقطوعات الموسيقية في الفيلم بنفسه

 

كما كوّن جوسلينج و ستون ثنائي متناغم و مقنع ربما لم يكن ليتحقق لمايلز تيلر Miles Teller الذي كان مرشحا لدور جوسلينج و إيما واتسون Emma Watson التي كانت مرشحة لدور إيما ستون رغم الموهبة التي يتمتع بها كليهما .

 

فاز لالا لاند ب 7 جوائز جولدن جلوب وهو ما يزيد من توقع تحقيقه في الأوسكار لنجاحات مشابهه لكن هل يعني ذلك أن الإنبهار به فريضة والإيمان بعظمته واجب ؟!

 

للجوائز الأمريكية بريق خاص لا شك في ذلك خاصة الأوسكار والجولدن جلوب لكن هل من العدل بالمقابل أن نقلل من أهمية أعمال أو نجوم لمجرد عدم حصولهم على الأوسكار حتى الآن أمثال جوني ديب Johnny Depp و هاريسون فورد Harrison Ford و إدوارد نورتون Edward Norton ؟

 

لا أستطيع القول بأن لالا لاند يعاني من أخطاء فادحة في أي من عناصره لكنه لم يحتوي في الوقت نفسه على مايساوي بين الضجة التي سبقت عرضه و بين تأثير ما قدمه بالفعل من فن و بهجة وإمتاع حسب التوقع الذي روجته مصيدة التريلر الخادعة ..