الرابح الأكبر في "يوم للستات"

سما جابر

تركيبة توقعناها منذ الإعلان عن تفاصيل فيلم “يوم للستات” قبل خمس سنوات والذي عُرض للمرة الأولى في مصر خلال فعاليات الدورة 38 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.. فيلم لـ”الستات” فقط.

حيث تدور أحداث الفيلم حول “يوم للستات” يخصص لهن من كل أسبوع للاستمتاع بمفردهن داخل حمام سباحة في مركز شباب بأحد المناطق الشعبية، يصبح هذا اليوم هو منفذ الحرية لكل منهن، تظهر من خلاله تفاصيل حكاية كل بطلة من الثلاث بطلات، إلهام شاهين ونيللي كريم وناهد السباعي.

ثلاثة حكايات رئيسية لثلاثة نساء، تدور حولهن قصة الفيلم، الحكايات المكررة يمكن أن نؤكد أننا شاهدناها في العديد من الأعمال الفنية قبل ذلك.. قصص حب لم تكتمل، إحتياح للحب وللحرية، قهر بعضهن من قِبل الرجال أو الظروف المحيطة بهن.

resize

مفيش جديد

كعادة أعمال المخرجة كاملة أبو ذكري التي تهتم بالسيدات ومشاعرهن وحكاياتهن ومعاناة بعضهن، لم يختلف “يوم للستات” عما قدمته كاملة من قبل، بل يعتبر أضعف أعمالها.

مشاهد مفككة غير مترابطة تبرز عدم تماسك السيناريو للكاتبة هناء عطية.. ففي أثناء مشاهدة الفيلم قد تُعجب بالعديد من المشاهد كل منها على حدة، فمثلا مشاعر ونظرات نيللي كريم (ليلى) والصورة البطيئة تحت الماء، خلال وجودها في حمام السباحة، حيث تخيلت أنها ترى ابنها الغريق وهو ما كاد أن يتسبب في غرقها هي الأخرى، ومشهد بكاء وانهيار محمود حميدة واعترافه بأنه لا زال يحب “شامية” –إلهام شاهين-

378

ومشهد ما قبل النهاية لأحمد داود وناهد السباعي في أثناء سيرهم بـ”الموتوسيكل” الذي عبّر عن الحرية والجرأة التي يريد أن يصل إليها بطلا العمل بشكل بسيط، والعديد من المشاهد الأخرى التي ضجت قاعة العرض في الأوبرا المصرية بالتصفيق الحاد لها، لكن إذا أردت تقييم الفيلم ككل، لن تستطيع الإعجاب به، فلم يكن كل الفنانين في أفضل حالاتهم، لم نرَ شخصية جديدة تجسدها إلهام شاهين، بل شاهدنا نفس انفعالاتها في خلطة فوزية، وواحد صفر.. لم نشاهد وجه آخر لنيللي كريم، فهي نفس الشخصية “الكئيبة” بنفس الملامح التي “حفظناها” في ذات وسجن النسا والحارة، لم نشاهد شيء جديد غير الذي نعرفه عن الحارة المصرية من “مجاري طافحة” وبلطجية “وشمامين” ومكبوتين جنسيًا، سوى حمام السباحة الذي خصص “يوم للستات” وسط انتقاد وفضول أهل الحارة.

f64c2ad796179bd553093d25ff471811c044c4b6

فيلم بلا رجال

لم يكن للرجال دورًا مؤثرًا في الفيلم، رغم أن كل واحد من المشاركين يستطيع القيام بفيلم ناجح بمفرده، ورغم مشاركتهم في العديد من الأعمال الجماعية التي تركوا فيها بصمة سابقًا، إلا أن كل من فاروق الفيشاوي ومحمود حميدة وإياد نصار، لن يحتسب هذا الفيلم ضمن الأفلام المؤثرة في مشوارهم فيما بعد، أما أحمد الفيشاوي فبالرغم من أداءه لدور الشاب المتشدد بشكل جيد إلى حد ما إلا أننا نشعر في بعض الأوقات بأنه “في مكان غير مكانه”.

large-487203024024289152

الرابح الأكبر

الرابح الأكبر من هذا الفيلم ستكون ناهد السباعي أو “عزة العبيطة” التي ساعدتها سذاجتها في كسر كل القيود التي تفرضها الحارة الشعبية على السيدات، حيث نفذت كل ما يسعدها ويشعرها بالحرية، دون خوف.. لم تخف ولم تضع اعتبارا للموت، حيث واجهت حمام السباحة للمرة الأولى بلا رهبة، كادت أن تتسبب في غرقها.. لم تهب الحب، فوضعت شروطًا لحبيبها لتحقيق ما يسعدها هي، وهي في النهاية أحلام وأماني بسيطة -مايوه، كنتاكي، بيتزا- لكنها تحقق لها السعادة بشكل كامل.

مشاهد “السباعي” كلها، هي المشاهد الخاطفة لقلب من شاهدوا الفيلم، يضحكون على ضحكاتها وإفيهاتها الساذجة العفوية، ويشعرون بالأسى على حالتها ومعاناتها مع جدتها المريضة التي تتقبلها هي وترضى عنها بشكل كامل وتعتبرها خدمتها لها بأن “ربنا بيسبب الأسباب” فمات والدها ووالدتها وبقيت جدتها على قيد الحياة لتؤنس وحدتها.

rtyu

هؤلاء الأفضل

“الكومبارس” من السيدات اللاتي ظهرن في المشاهد الخاصة بحمام السباحة، وخاصة “فاطمة كشري”، كان أدائهن وتصرفاتهن التلقائية وأحاديثهن وملابسهن ربما أفضل من أداء بعض الممثلين والممثلات بالفيلم، في رأيي هن البطلات الحقيقيات.

الموسيقى التصويرية –رغم طغيانها على حوارات بعض المشاهد- للموسيقار تامر كروان، كان لها تأثيرًا واضحًا على مشاعر المشاهدين وتفاعلهم مع الأحداث.

رجاء حسين بمجرد ظهورها في أي عمل فني تعطي “حياة” مختلفة لروح هذا العمل، فمشهدها مع إلهام شاهين عندما طردتها من منزلها فجرا وأهانتها وذكرّتها بقصة حبها مع ابنها –محمود حميدة- الذي رفض الزواج منها سابقًا، كان من أكثر المشاهد الموجعة والكوميدية في آن واحد.

432