الإعلام الجديد يمنح الأمريكيين رئيسًا بنكهة رقمية "سبايسي" - E3lam.Com

محمد إسماعيل

نجحت هيلاري كلينتون” و”دونالد ترامب” في الوصول بقوة وتأثير مواقع التواصل إلى آفاق غير مسبوقة، تجاوزت المستخدمين العاديين، لتستهدف شرائح جماهيرية أخرى بمعلومات تلمس اهتماماتهم الحقيقية، وتمكنا من الوصول إليهم خلال الأوقات التي تناسبهم هم، بينما هيمن كل من جوجل وفيس بوك على أكثر من مليار دولار أنفقت بالفعل على الاعلانات الممولة خلال حملة الانتخابات، فبعد أقل من 96 ساعة، يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس رقم 45 للولايات المتحدة، حدث يتم بانتظام كل 4 سنوات منذ انتخب بالإجماع أول رئيس أمريكي، الجنرال جورج واشنطن في 1788.

ولكن المميز في صباح الثلاثاء 8 نوفمبر الجاري، والمختلف في هذه المرة هو أن الأمريكيين يستعدون، ولأول مرة في التاريخ، لاستقبال رئيس جديد بنكهة رقمية حارة للغاية.

تاريخيًا، كان المرشح الديمقراطي “هوارد دين” أول من فطن لأهمية الانترنت في دفع عجلة الانتخابات بالاتجاه الذي يريده في 2004، ولكن في ذلك الوقت كان ياهو مشتتًا بين وظيفته كمحرك بحث ومنصته الاخبارية ونشاطه التجاري، بينما كان فيس بوك لا يزال برنامجًا مبتدئًا طوره بعض طلاب هارفارد تحت اسم “فيس ماش” لمقارنة صور الطلبة واتاحة التصويت لهم بناء على جاذبية صاحب أو صاحبة الصورة، أما باراك أوباما، فكان أول من استخدم شبكات التواصل الاجتماعي بفاعلية في مشوار الوصول للبيت الأبيض، ففي 2008 حرصت حملته على إرسال رسائل تذكير انتخابية عبر تويتر، والتفاعل مع الناخبين على فيس بوك، ولكن علينا أن نتذكر أن زمن أوباما قد ولّى، فعندما أعلن عن ترشيح أوباما رسميًا في مطلع 2007، كان تويتر لا يزال موقعًا ناشئًا ولم يظهر الأيفون إلا في ٢٩ يونيو ٢٠٠٧، وبالرغم من انتباه أوباما لأهمية مواقع التواصل الاجتماعي، تجاهلها خصماه “جون ماكين” في 2008، و”ميت رومني” في 2012

14958829_1297358220297025_1451214458_n

أما في هذه المرة، مع انتخابات الرئاسة 2016، فقد تناقلت منصات التواصل الاجتماعي الآراء السياسية المتباينة والشتائم والسباب والشائعات عبر فيس بوك وتويتر وكافة مواقع التواصل، مع ميل عام إلى تضخيم بعض المعلومات عن كلينتون وترامب وميل أكبر إلى توجيه سهام النقد اللاذع لهما ولفريق كل منهما.

 تويتر في المقدمة

في 2016، لعب تويتر دورا كبيرا في استكشاف توجهات الناخبين. وعلى الرغم من المشاكل التجارية التي يمر بها موقع تويتر حاليا، فقد كانت قدرة تغريدة واحدة على تشكيل الحوار السياسي وإثارة التغطية الإعلامية لعدة أيام غير مسبوقة.

ويرتبط بقاء تويتر على قمة منصات التواصل مباشرةً بذكاء ترامب، وأحيانا عشوائيته، وميله للتغريد بكثير مما يطرأ على ذهنه من أفكار باستخدام تويتر.

إذن فقد وقع اختيار ترامب على تويتر، وقد كافأه الموقع بعرض صورة واقعية لطبيعته التي تميل للانطلاق ورفض القيود أيا كانت.

14937806_1297358273630353_1174458684_n

سبق مسجل باسم “ترامب” سوف ينسب لترامب أنه أول من لجأ لهذا النمط المختلف في استخدام عبارات عدوانية وغير تقليدية في مواقع التواصل، على نحو ساعد في توليد العديد من الأخبار لعدة أيام طوال الحملة، واستمر ذلك حتى عندما انتهكت تويتات ترامب “المعايير القياسية للحملات”، التي كان من المفترض ألا تنحدر إلى هذا القدر مما اعتبره البعض همجية، وأفكار تآمريه وهجوم شرس على الخصم. أقبل ترامب على موقع التدوينات المصغرة، مستفيدا بإمكانية قياس ردود الفعل على رسائله في التو على REALTIME، وسهولة مشاركة الناخبين وجهات نظرهم، واستطاعت حملته متابعة تطور وجهات نظر الناخبين على مدار الحملة.

فشركات مثل أبل ومايكروسوفت، على سبيل المثال لا الحصر، تتكبد ضرائب باهظة، لذلك وعد ترامب بتمتعهم بمزايا جيدة وضرائب أقل في ضوء نظرته لموضوعات الهجرة وتحفيز النشاط التجاري.

انتقلت الرسائل السياسية من الصحف والتلفزيون والإذاعة إلى وسائل الإعلام الاجتماعي إلى حد ما، وتحول استشاريون المرشحين بكثافة لتويتر لدفع أجندات مرشحهم، وفقا لفنسنت راينول، أستاذ مساعد دراسات الاتصالات بكلية ايمرسون في بوسطن، كان ترامب بارعًا بشكل خاص في استخدام لغة بسيطة للتفاعل مع وجهات النظر غير المرشحة له على تويتر، بطريقة تميل إلى إدارة مباريات طاحنة امتلكت حملته علاماتها التجارية حصريًا، فعندما تقرأ تغريدة لترامب يمكنك، تقريبا، سماع صوته، في حين إذا كنت تقرأ تغريدات على الحساب الخاص بهيلاري كلينتون في تويتر، يمكنك أن تدرك بوضوح أن فريق حملتها هو الذي دون تغريداتها، وبذلك نجحت تغريدات ترامب في بث الشعور بأنها جاءت من فمه وهذا له قيمة مقنعة جدا للجمهور.

أسباب نفسية

الجديد في 2016، هو ذلك الزخم المحيط بحضور مواقع التواصل الاجتماعي في مشهد الانتخابات والثقل والتأثير الذي باتت هذه المواقع تمتلكه على مجريات الأمور بالدوائر الانتخابية، والملاحظ أن كلا المرشحيْن يستغلانها لصالحه وتسجيل النقاط ضد خصمه، فلم يسبق من قبل أن تعكس ضغطة زر “أعجبني” أو “أعادة تغريدة” أو “مشاركة” الحالة السياسية بالشارع الأمريكي بمثل هذا الوضوح، ولكن مواقع التواصل تلعب دور الغراء وبوسعها تعزيز انحيازات الناخبين وتوضح الأبحاث النفسية أن الناس دائما بحاجة الى معلومات تأكيدية، كما تؤكد “كارين نورث” استاذ الاتصال الإكلينيكي ومدير برنامج التواصل الاجتماعي الرقمي بجامعة ساوث كاليفورنيا، وهم لا يسعون فقط لمعرفة مستجدات الأحداث، what’s up، بل وأيضا يريدون أن تصبح لهم آراء، ويريدون أن يبدي آخرون إعجابهم بتلك الآراء ليميلوا أكثر إلى اعتناقها والاعتقاد بصحتها، هذا ليس مؤشرا على أن لا أحد سيغير رأيه، وإنما من المريح أن تجد أشخاصا يؤيدونك ويخبرونك بأن رأيك صائب.

 أزمة في فيس بوك

اضطر مارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك للتدخل أثناء حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية لمنع بعض العاملين بشبكة التواصل الاجتماعي من حذف بعض منشورات وتعليقات الملياردير دونالد ترامب لاعتقادهم بأنها تحض على الكراهية. وكانت تصريحات ترامب المثيرة للجدل في ديسمبر الماضي قد أجبرت زوكربيرج على احتواء عدد من موظفيه الذين هددوه بالاستقالة إذا لم يستطيعوا حذف بعض تعليقات ترامب، وذكرت مصادر مقربة من زوكربيرج لوول ستريت جورنال أن التعليقات التي أغضبت العاملين بفيسبوك تتعلق بخطة ترامب الرامية لحظر هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة.

وقالت مجلة فوربس إن زوكربيرج كتب في رسالة داخلية لموظفي فيسبوك: ” ليس بمقدورنا أن نخلق ثقافة تؤمن بالتنوع ثم نستثني نصف سكان الدولة لمجرد دعمهم لأحد المرشحين السياسيين، فهناك الكثير من الأسباب التي قد تجعل المرء يدعم ترامب، ولا يتعلق أي من تلك الأسباب بالعنصرية أو التمييز أو الخوف من الأجانب أو القبول بالاعتداءات الجنسية”.

14958672_1297358256963688_221516729_n

 تحذير من الأخبار الكاذبة

مركز “بيو” للأبحاث، فقد توصلت دراسة أجراها مؤخرًا إلى أن وسائل الاعلام الاجتماعية تغذي حالة الاستقطاب والعداء الحزبي على نطاق واسع، وأشارت الدراسة إلى أن المحتوى السياسي هو السائد كما في الفيس بوك وتويتر، في حين تكثر منذ أسبوعين التحذيرات في أمريكا من أن وسائل الإعلام الاجتماعية يمكنها أن تنشر بسهولة وسرعة وعلى نطاق واسع ما لا حصر له من المعلومات الخاطئة، ودعت بعض المواقع الإلكترونية الناخبين إلى توخي الحذر والتحقق من أي أخبار تصلهم عبر مواقع التواصل عن الدوائر التي سيدلون بأصواتهم أمامها، فهناك من سيعتمد على نشر أخبار عن أعمال شغب وطوابير طويلة ومتاعب أخرى لإثناء الناخبين عن الحضور للإدلاء بأصواتهم لخدمة هذا المرشح أو تلك المرشحة.

14958326_1297358290297018_405865795_n