علاء الدين العبد يكتب: الخطايا التِسع للسيسي ومرسي

تنبيه .. لا تقرأ هذا المقال إذا كنت تنتمي إلى أحد التقسيمات التالية:

1- إذا كنت حضرتك ممن مَنَّ الله عليهم بالكشف عن النوايا وتوزيع تُهم التخوين فأنصحك ألا تُكْمِل القراءة.

2- إذا كان جُل اهتمامك نجوم الفن والملاعب فلا تُصدع رأسك بالقراءة.

3- إذا كنت ممن يختزل مصر في شخص أي رئيس كان، وتربط حب الوطن بحب رئيسه، وترى أن دعم الوطن هو ترديد شعار “تحيا مصر” و”تسلم الأيادي” ، وتغيير صورة بروفايلك لصورة الرئيس، فطريقك معي مسدود، وطبعاً لك كامل الحرية والاحترام ولشخصك الكريم.

4- إذا كنت ممن بدأ الإهتمام بالأخبار والسياسة بعدما غدى الشيب مفرقك، ووجدت ضالتك مؤخراً في سب الإخوان فقط ورفع شعار المؤامرة فلن تجد عندي شيئاً يرضيك.

5-إذا كنت تنتظر مني أن أكيل السباب والتخوين للرئيس أو لأي شخص كان فليس هذا أسلوبي أبداً، لا مع عدو ولا صديق.

6- إذا كنت ممن ينعت الطرف الآخر بالخرفان وعبيد البيادة.

7- هذه التقسيمات لست أنا الذي قمت بها، إذا أردت أن تعرف من فعلها فليسأل كلٌ منكم كبيره.

بداية وتمهيد أراهما مهميُن:

أقر أني لم أنتخب مُرسي بل لم أشارك بانتخابات الرئاسة في 2012، لأني كنت أراها اختيار مابين “زفتى وميت غمر” مع الاعتذار لهما، وكانت من النوع الذي أرى فيه إجباراً وليس اختيار، وبرغم كل المقالات التي انْتَقَدت فيها مرسي والإخوان إلا أنني لم أكن أرغب له الفشل، لأن فشله فشل وتأخر لنا جميعاً ولمصر، ولكنه كان مصراً على الفشل بانشغاله بالتمكين، وحتى أكون منصفاً كان يواجه معوقات لإفشاله، وقد ابتلع الطُعم وسهَّل المهمة بجدارة لا يُحسد عليها. وقد يتذكر من كان يتابع ما أكتبه، أني توقعت فشل الإخوان قبل رحيلهم بشهور لذلك لم أنبهر حين وقعت الواقعة.

لابد هنا أن نتذكر جميعاً ونراجع أنفسنا أن فشل مرسي كان من أهم أسبابه هو فشل الأداء والأزمات المتعاقبة، كأزمة الطاقة (كهرباء ومحروقات) ، والميل الواضح والشديد للاعتماد على جماعتة فقط، أهل الثقة وليس أهل الخبرة، وكانت الطامة الكبرى هي الانفراد بالقوانين، والخروج عن الدستور حتى أن أقرب المقربين له اعترف بذلك.
لابد لنا أن نتذكر أيضاً أن أسلوب خطابه الارتجالي خلق مادة دسمة للسخرية والتي كان لها أثر شديد على فقد الثقة والاحترام بينه وبين مؤيديه من عاصري الليمون، فأضاف إلى مشهد الارتباك في الأداء مشهداً هزلياً وأصبحنا أمام مجموعة من الهواة تحكم مصر، وأدى في النهاية لرحيله.

مرة ثانية، أقر أني لم أشارك في انتخابات عام 2014، يعني لم أنتخب الرئيس السيسي، ليس لأنه قال أنه لن يترشح للرئاسة وأخلف، فهو من حقه أن يتراجع لو رأى في نفسه الكفاءة بما يعود على مصر بالخير والنفع، وليس لأنه رجل عسكري، فلا فرق عندي بين عسكري أو مدني إلا بأسلوب الحكم وبمن يختار من رجال، ولابد هنا أن أقف قليلاً لأشير إلى أن هناك فارق بَيِّن بين الرئيس السيسي ذو الخلفية العسكرية وبين سابقيه، فعبدالناصر العسكري قد مارس السياسة حتى قام بثورة يوليو، وعمل معه خَلَفه السادات لثمانية عشر عاماًً قبل أن يكون رئيساً، ثم جاء مبارك خلفاً للسادات بعدما عمل كنائب رئيس لمدة ست سنوات، ليس معنى كلامي هنا أنه ولابد أن يكون الرئيس رجل دولة، ولكن أرى أنه لابد أن يكون مارس السياسة لسنوات، وهذا ما لا أراه قد يتحقق في القريب العاجل.

نعود لعدم مشاركتي انتخابات الرئاسة لعام 2014، لسبب بسيط؛ هو أني كنت على ثقة من نجاح المشير السيسي، فلم يكن هناك من له ثقل يستطيع المنافسة مع “البطل المنقذ” كما وُصِف حينها، وحتى أكون منصفاً لم يكن ليسلم من تشويه الإعلام كائن من كان في حال ترشحه أمام المشير، الإعلام الذي كان له دور في تحديد وتوجيه الناخبين، ولعلنا نتذكر جيداً توسلات بعض الإعلاميين للنزول للجان الانتخابات الخاوية حتى لا تضيع البلد، وتم تفسير ذلك بأكثر من تفسير.

وكما لم أتمنَ لمرسي الفشل، لم ولا أتمنى الفشل لا للسيسي ولا لأي رئيس لمصر، وأكرر مرة أخرى لأنه أيضاً فشل لنا جميعاً.

أٌقر أن ماحدث مع مرسي من محاولة تفشيله رأيتها واضحة تماماً وتعيد نفسها حالياً مع السيسي، وأكاد أقول أنها بنفس الأسلوب وبنفس الخطوات ولكن باختلاف الأطراف، وقد أشار كل منهما لذلك في خطاب لهما بطريقة مختلفة كانت آخرها حين قال السيسي: “إنتم مين ؟!” ، مع الفارق أن الرئيس السيسي “أوتي مالم يؤتَ رئيس من قبل” ، فقد حاز على تأييد شعبي ودعم من القوات المسلحة ودعم إعلامي وأخيراً دعم مادي عربي غير مسبوق.

وكما واجها كلاهما محاولة التفشيل؛ أيضاً وقع كلاهما والمؤيدون لهما في كثيرٍ من الأخطاء وهي:

1- مال الأول لجماعته بينما مال الثاني للقوات المسلحة.

2- ألقى كلاهما اللوم على الشعب.

3-استعان كلاهما برجال لا يفقهون فن الحديث والمفردات العاميِّة فباتت مادة للسخرية لا تتوقف.

4- تجاهلا كلاهما الدستور، فلا ننسى للأول الإعلان الدستوري، ويبدو أن كثيراً من المصريين لن ينسوا اتفاقية تيران وصنافير.

5- تبنى كلاهما نظرية مؤامرة الشر مُلقين الرُّعب في قلوب المصريين الطيبين.

6- تغيرت الساحة الإعلامية المرئية والمسموعة لكل منهما بما يدعم ويؤيد جهود وقرارات كل منهما.

7- قسَّم الأول المصريين إلى نصفين استمرا حتى 30 يونيو، بينما قسَّم الثاني المصريين إلى أنصاص وأرباع، وهي التقسيمات التي ذكرتها في مقدمة المقال.

8- مال مجلس الشعب في عهدهما إلى دعم الرئيس وتخلَّى عن دوره الرقابي والتشريعي.

9- كانت المفارقة الأخيرة أن انشغل أيضاً مجلس الشعب في عهد مرسي والبرلمان في عهد السيسي بالتركيز على القضاء على المظاهرات والتحكم بمواقع التواصل الاجتماعي ولم يقدم شىء يذكر للجماهير التي انتخبت أعضاءه، بل وصلت الدرجة من الضعف بالمجلس الأخير إلى منع إذاعة الجلسات.

لن أحدثك عن وجود حالة استياء من الأداء فالرئيس لا يرى ذلك ولا يقره بل يشيد بأداء الحكومة، ولن أحدثك عن غلاء الأسعار فالرئيس أيضاً وعد بعدم ارتفاع الأسعار، ولن أحدثك عن مستوى الخطاب فكل ماذكرته لن يُغير في القناعة شىء، سيظل هناك المؤيد بشدة والمتفائل في غدٍ أفضل، وسيظل هناك من هو المنتقد والمعارض للسياسات، لذلك فلن أؤكد المُؤكَّد، لن أكرر ما جاء من مقالات لآخرين، عن حرية الكلام والوصاية الأبوية وما إلى ذلك لأنه لن يستطيع عاقل أن يوقف عجلة الزمن إلا وتأذَّى منها .
وسؤال للجميع، وخاصة للمصريين الوطنيين الإيجابين الذين شاركوا في انتخابات مجلس الشعب والذين لم يُقصروا في السب والتخوين لمن قاطع الانتخابات، مستندين على شيوخ الأزهر السياسيين، ما هو دور البرلمان ؟!

قبل أن أختم المقال، أوجه نصيحة لمن بيده الأمر لا نريد أن نكرر 25يناير وسأذكركم بما كنا نتهم به مبارك، أنه طارد للعقول والمفكرين، فهل آن الآوان أن نعيدهم للحياة ؟!

نرشح لك :

علاء الدين العبد يكتب: صبحوا على مصر برضعة