برلمان 2016.. بعد "الشو" الإعلامي.. لا شيء يهم

أحمد حسين صوان

على أصابع اليدين يمكن أن نحصي النواب الذين قدموا أداء مرضيا ويلتزمون بحضور الجلسات وبالمشاركة الفعالة تحت قبة البرلمان، عدا ذلك لا نبالغ بالقول أن الإحباط الشديد يسيطر على الشارع اتجاه الأداء العام لمجلس النواب، فرغم وقف البث المباشر للجلسات لكن “الشو الإعلامي” والرغبة في معاملة الوزراء بندية شخصية لا رقابية جعل طلبات الإحاطة تنهمر بالعشرات من أجل إثبات دورهم في مراقبة الوزراء ثم تنتهي على لاشيء بينما التشريع الذي هو مهمة المجلس الأولى يأتي في مرتبة متأخرة في اهتمامات السادة النواب.

إعلام دوت أورج رصد ملامح “الشو الإعلامي” للنواب خلال الشهور الثمانية الماضية وكيف انشغل معظمهم بالحصول على مكاسب شخصية.

بث مباشر

وافق مجلس النواب برئاسة علي عبد العال، منتصف يناير الماضي، على وقف البث المباشر لجلسات المجلس، بناءً على أغلبية النواب، مما أثار حفيظة البعض، وإعلان بعض الفقهاء الدستورين بأن ذلك يخالف المادة 120 من الدستور، التي تنص على علانية الجلسات، كما أن محكمة القضاء الإداري تنظر في دعوى تطالب بعودة بث الجلسات مجددًا، بينما قال “عبد العال” إن البث يعمل على عدم تركيز النواب.

برلمان (1)

غياب

أصبحت “مقاعد” المجلس شبه خاوية من النواب تقريبًا، فتحول “الغياب” إلى ظاهرة طبيعية، مما يتسبب في إرجاء مناقشة القوانين وتشريعها، حتى انزعج رئيس المجلس مصرحًا بأن “تزويغ” الأعضاء خيانة للمصريين، بينما قال أحد النواب بأن الحل يكمن في إعادة بث الجلسات.

سهرة تلفزيونية

يخرج علينا نائب أو أكثر، كل يوم تقريبًا، عبر البرامج الحوارية المختلفة، يسهر أمام كاميرات التليفزيون للساعات الأولى من صباح يوم جديد، يناقش أمورًا مكانها المجلس، ويخرج بتصريحات تثير غضب المشاهدين في أحيانِ كثيرة، ويُغضب أيضًا رئيس المجلس الذي طالب نوابه بعدم نقد سياسات الدولة، وعدم الظهور عبر شاشات التليفزيون مرة أخرى.

تلاميذ

اعتاد “عبد العال” التعامل مع النواب، بسياسة الترهيب والتخويف، مع ارتفاع نبرة صوته، يحذر عضو من ارتداء ملابس “كاجوال” مرة، وخرس ألسنة من يناقش قضايا معينة، مرة أخرى، فضلًا عن عدم الحديث دون إذن، والتهديد بالطرد من المجلس، الأمر الذي انزعج منه كثير من النواب قائلين: “إحنا مش تلامذة”.

بدلات

على الرغم من أن النائب الواحد، يُكلف الدولة 28 ألف جنيه شهريًا، إلا أن أكثر من 220 عضوًا، طالبوا بتوفير بدلات للانتقال والمبيت والتغذية والمظهر والعلاج والاتصال، متجاهلين الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الدولة، مما أثار دهشة الكثير من المصريين، ساخرين بصرف بدل “صحيان”، كما أن مكافآت النواب تصل إلى 349 مليون جنيه تقريبًا سنويًا.

استثناء

في الوقت الذي يناقش فيه مجلس النواب نسبة الضريبة المضافة، التي تصل إلى 14%، وتؤثر على ارتفاع الأسعار، إلا أن المجلس استثنى أعضاءه من ضريبة “كسب العمل”، على الرغم من أن جميع الجهات في الدولة تخضع للضرائب بما فيها مؤسسة الرئاسة.

توظيف الأبناء

في ظل صعوبة إيجاد الشباب لوظيفة، ونسبة البطالة التي تجاوزت 12.7 %، يخرج بعض النواب بتصريحات بأنهم من حقهم تعيين أبنائهم في وظائف حكومية، والبرلمان ليس على رأسه “ريشة”، بالإضافة إلى حق الأبناء الحصول على تزكية آبائهم النواب، يأتي ذلك بعدما وفرت النائبة مارجريت عازر، وظيفة لابنتها في وزارة القوى العاملة، في الوقت الذي تشتكي فيه الحكومة من عدد الموظفين الذي تجاوز 3 مليون موظف.

برلمان (2)

رحلات

في الوقت الذي تعاني منه الدولة من أزمة الدولار والسياحة، قرر بعض النواب عمل رحلة إلى دولة الإمارات بـ4500 جنيه، للتنزه وتنشيط السياحة على حد قولهم، كما أن الأمانة العامة للمجلس أعلنت توفير عدد من تأشيرات الحج، للنواب أو أقاربهم الراغبين في السفر لأداء فريضة الحج، بقيمة 94 ألف جنيه للفرد.

شيزوفرينا

يتعامل النواب مع التطبيع بمكيالين، فقد سيطرت موجة من الغضب على الأعضاء، عقب استضافة النائب المعزول توفيق عكاشة لـ”حاييم كورين” السفير الإسرائيلي السابق، في منزله لتناول العشاء ومناقشة القضية الفلسطينية، حيث احتج النواب رفضًا للتطبيع، واعتدى أحدهم عليه بالحذاء في المجلس، إلى أن تم إسقاط عضويته، بينما تجاهل المجلس نفسه زيارة سامح شكري وزير الخارجية لـ”نتنياهو” رئيس الوزراء الإسرائيلي، وتناول العشاء معه في منزله، ومشاهدة نهائي يورو 2016 لكرة القدم.

برلمان (3)

سوشيال ميديا

لن تسقط مواقع التواصل الاجتماعي، من حسابات النواب، في ظل العديد من القضايا التي تعد الأهم، حيث يسعى بعض النواب إلى فرض قانون ينظم من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والذي اقترح أحدهم أن يكون التسجيل من خلال البطاقة الشخصية للمستخدم، فضلًا عن سعيهم لإصدار قانون لفرض رسوم على إعلانات مواقع التواصل الاجتماعي و”جوجل”.

يا خبر

يتميز العديد من النواب، بالتطرق إلى بعض القضايا الجانبية، التي لا فائدة منها، حيث اقترح أحد النواب بمنع “البوس” بين الرجال أعضاء المجلس، لأن الوقاية خير من العلاج، بالإضافة إلى مطالبة النائبات بالاحتشام وارتداء ملابس تليق بوقار المجلس، كما طالب نائب آخر توفير تأشيرتي حج وعمرة لكل نائب وزوجته على نفقة المجلس، واقترح آخر دفع الشاب 50 ألف جنيه مقابل عدم تأدية الخدمة العسكرية، وزراعة التبغ، وأن يكون وزير الصحة خريج كلية تجارة أو هندسة، فضلًا عن إنشاء حمامات عامة وتذكرة الدخول 50 قرشًا.

اشتباكات وطرائف وبورنو

على الرغم من أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، إلا أن الاشتباكات كانت تسيطر على بعض النواب داخل المجلس، وخارجه أيضًا من بينهم محمد أبو حامد، وخالد يوسف، ومرتضى منصور، وزينب سالم، كما أن الطرائف كانت “تلطف” الجو للأعضاء في بعض الأحيان، مثل القسم بالطلاق، وحديث البعض جانبيًا عن موضوعات شخصية، لكنهم لا يعلمون بأن الميكرفونات مفتوحة، وطلب عضوة من زميلتها “كراملة”، فضلًا عن غياب الرقابة الذاتية للنواب، حيث تم تداول فيديو جنسي على جروب خاص بالأعضاء على “واتس آب” وتفاقمت أزمة كبيرة فيما بينهم.

تأجيل

بعد رصد تلك النقاط، ربما يكون المجلس ليس مهتمًا بتناول قضايا تحدد مستقبل مصر، وتغلق باب الشك نهائيًا، مثل اتفاقية تيران وصنافير، التي علق نائب عليها بأن “لو السعودية عاوزة جزيرتين كمان أهلًا” وقانون الصحافة والإعلام، أو إقرار قوانين جديدة التي تخلق واقعًا يوتوبيًا من أجل تحقيق مطالب ثورتي 25 يناير و30 يونيو.