أحمد شبكة: لا تظلموا "شعراء الميديا"

تخيل نفسك علي مسرح يحوطه آلآف المتفرجين من أول ما تفتح عينيك صباحًا وقبل حتي دخولك الحمام إلي أن تستسلم للنوم ليلًا أو فجرًا علي حسب معاد نومك، مع العلم أن وجودك الدائم علي المسرح ليس مشكلتك الوحيدة، فالآلاف من الجمهور الذي يشاهد كل مشهد ولفته وتفصيلة في حياتك أكتر من نصفهم ممثلين زيك بالضبط ان لم يكونوا أقوي منك في فن التمثيل  والإلقاء المسرحي.

هذا هو بالضبط حال شعراء الميديا المنتشرين حاليًا بصفة أساسية علي الفيس بوك وبصفة أقل اساسية علي تويتر، فإذا كنت شاعرًا منهم فأنت تعلم جيدًا ما سيأتي في باقي هذا المقال أما إذا كنت من متابعيهم فقط فدعني اشرح لسيادتك إن أي شاعر من شعراء الميديا (له اسم معقول) تحتوي قائمة الأصدقاء عنده علي 5000 صديق (و هو الحد الأقصي لعدد الأصدقاء كما حدده الخواجة مارك زوكيربرج) بخلاف عدد من “الفولورز” قل أو كثر علي حسب ما تقدمه من كيف وكم من البوستات وتاريخ تواجدك كشاعر ميديا علي الموقع الأزرق.

أقل من نصف عدد الأصدقاء والفولورز هم فعلًا من متابعيك ومن يحب أن يقرأ لك معظم ما تكتبه أما العدد الذي يجاوز النصف الآخر فهم شعراء مثلك أو أصحاب محاولات شعرية يبدأون الطريق أو يقفون في منتصفه متسائلين دائما ماذا يوجد عندك غير ما يقدمونه و يرسلون اليك “علي الخاص” طالبين رأيك في أي جديد يخطّونه أو حتي يفكرون في كتابته، وقد يصل الأمر إلي طلب مساعدة في الوزن أو الفكرة و سؤالك عن كيف تعلمت هذا الفن وما هي الكتب التي قرأتها لتصبح شاعرًا لأنهم بحثوا كثيرا عن كتاب “كيف تصبح شاعرا بدون معلم” و لم يجدوا منه نسخ متاحة.

نسيت أقول لحضرتك إني مع كل صداقاتي ومعرفتي بشعراء الميديا الجدد (أقل ما يقال عن معظمهم انهم مبهرون فعلا) أن ولا واحد منهم يمتهن أو يرتزق من الشعر، فكلهم يأكل عيشه من وظيفه عادية جدا يذهب لها صباحًا وله مدير يكلّفه بأشياء لا تمتّ للشعر بصلة ويحتاج أجازه من أكل عيشه ليذهب إلي ندوته او إلي حفل توقيع ديوانه هو شخصيًا.

بقي أن أقول أيضًا أنه مع كل ما يكتب يوميًا من أشعار طالت أو قصرت أو تربعت أو تثلثت مطلوب من شاعر الميديا أن يجد وقتًا للردود علي الخاص  والردود علي العام حتي لا يُتهم بأنه خلاص مابقاش بيردّ ثم الاطلاع علي كل ما سبق ثم إيجاد فكره أو تعبير أو صورة أو تركيبه (جديدة و مختلفه عن كل ما كُتب قبله بسنوات أو بدقائق) تدعو سيادتك إلي الابتسام وتلمس وجدان حضرتك إما بارسال رسالة أمل أو بالتوحد مع ما يزعجك أو يؤرق قلبك وعقلك  وإذا لم ينجح في ايجاد الجديد والمختلف فإن أقل ما سوف يُتّهم به هو الإفلاس ونضوب الموهبة وقد يصل الاتهام إلي النحت من الزملاء وتبدأ هنا مرحلة إثبات أنه كان مجرد توارد خواطر وليس توارد قصايد.

دعني أذكرك بمقدمة المقال ومثال الممثل المتواجد علي المسرح طوال 24 ساعة أمام جمهور معظمه من الممثلين وأدعوك لتذكّر مدي الصعوبة التي واجهها هذا المبدع في المرة القادمة التي تقرأ فيها بوست شعري لأحد شعرائك المفضلين من “شعراء الميديا”.

اقرأ أيضًا:

أحمد شبكة: حرصوا منهم

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر فيس بوك من هنا