كريم الدجوي: السبكي وفيفي ومحمد رمضان.. واللي مالهمش دية!

في الأغلب حضرتك هتستغرب العنوان.. وهتتسأل “ازاى دول مالهمش دية؟”، على أساس إن التلات أسماء المذكورين في العنوان، بيتمتعوا بقدر من الشجاعة والجراءة، وعندهم القدرة على الرد على التخين، وفي الأغلب كمان عندهم علاقات بشخصيات هامة اللى بنسميها “الضهر”، اللى ممكن تحميهم من اللى ممكن يتعرض له أمثالنا من “محدودي الضهر”.. الصراحة قبل ما تتسرع، أنا مش بأقصد إنهم مالهمش دية بالشكل ده.

شجاعة وائل الإبراشي

أنا باتكلم عن حالة أكثر خصوصية، عن تعامل وسائل الإعلام والنقاد والكتاب والمثقفين وكتير من مستخدمي الإنترنت مع الثلاثة دول بالذات.. يعني على سبيل المثال، استوقفني الاسبوع اللى فات مداخلة محمد السبكي مع وائل الإبراشي.. وائل الإبراشي اكتسب شجاعة غير معهودة، ودخل في السبكي شمال، لدرجة إن السبكي قرر الإنسحاب، وقفل السكة في وشه. موقف غير معتاد من وائل الإبراشي، هو أمتى دخل الإبراشي شمال بالشكل في حد؟ يعني ما شوفتوش بيتكلم بالقوة دي مع محافظ مُقصر، ولا مدير منطقة تعليمية مسؤول عن مدرسة توفى في طالب بسبب التقصير .. ده حتى أنا فاكر مداخلة شاب من كتائب حلوان مع وائل الإبراشي، وفاكر كمان إن وائل ما كانش حاد معاه بالشكل اللى كان حاد بيه مع السبكي!

لما تبص للموضوع، هتلاقي مش وائل الإبراشي بس، معظم النقاد والصحفيين، بيفردوا عضلاتهم النقدية لما يتناولوا أحد أخبار أو أعمال السبكي، لإنه ببساطة مالوش دية عند المجتمع، السبكي مثال زي ما بيقول الكتاب للشخص اللى المجتمع عنده استعداد يشيله كل التهم الأخلاقية المتاحة؛ راجل من خارج الوسط الفني، له خلفية أسرية في موضوع الجزارة، ونسبة كبيرة من أفلامه بتكون تجارية سهلة مش بتهدف أكتر من شباك التذاكر حتى لو المحتوى هابط.

حفلة على مدام فيفي

بنفس الطريقة استوقفني بوست منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لاتنين أو تلاتة مسؤولين (فيهم واحد بزي عسكري حسب ما أتذكر) في حفلة أو فاعلية، وفي وسطهم فيفي عبده غالبا بتزغرد، ومكتوب في البوست “في أنهي دولة ممكن تشوف المنظر ده؟”، وطبعا الجمهور الطاهر على فيسبوك، عامل الواجب مع فيفي والمسؤولين والحكومة والبلد كلها علشان سمحوا لفيفي تحضر الحفلة دي كشخصية عامة.

هتفضل برضه عبده موتة

وبنفس الطريقة برضه، بيتزامن مع كل فيلم لمحمد رمضان، هجوم من معظم النقاد، اللى مش محتاجين يشوفوا أكتر من حلقة من مسلسله “ابن الحلال” (الأكثر مشاهدة بين الجمهور في شهر رمضان، حسب معلوماتي) علشان يحكموا عليه بأنه “مسف” اعتمادا على انطباعتهم عن رمضان من خلال عبده موتة والألماني، مع إنه المسلسل بتاع “ابن الحلال” على سبيل المثال كان أكتر احتراما لقيم الأسرة من مسلسلات كتير لنجمات كبار ما تعرضوش لنصف الانتقاد اللى تعرض له محمد رمضان. ومع إن محمد رمضان كمان خمس سنين ولا عشرة، لما هيكون نمرة واحد في السوق بلا منازع، هتبدأ مقالات بعضهم تتغير في التعامل معاه، ومش بعيد كمان يدافعوا عنه ويخترعوا له ألقاب فنية.

مش التلاتة دول بس اللى بتعرضوا للنوع ده من الهجوم، ولكن ناس كتير زيهم ممكن يتعرضوا لنفس الهجوم في مجتمعاتهم، والصراحة ما أقدرش أحجر على حق حد في الانتقاد ولا فيه التعبير عن رأيه.. لكن ده ما يمنعش إني أعبر عن رأيى أنا كمان وأقول إن هجومنا على الثلاثة أشخاص دول ومن يشبهم من دلائل إزدوجية المعاير الأخلاقية عند مجتمعنا، وإن ده من أهم الأسباب اللى بتصعب من فكرة إننا نتقدم أو نتطور للأحسن.

بمنتهى البساطة إحنا بنهاجم السبكي لإنه رجل أعمال بيشتغل في مجال السينما، بيقدم أفلام مش على هوانا (مش كلها طبعا، هو قدم العديد من الأفلام الجيدة)، بالرغم من إننا ارتضينا إن مجال الإنتاج السينمائي يكون مكان مفتوح يتيح للسبكي ينتج اللى شايفه مناسب، ويتيح لغيره من المنتجين يقدموا اللى هم شايفنه مناسب برضه. هو قدر يلاقي معادلة تقدم أفلام تنجح على المستوى التجاري حتى لو مش بتعجبنا، والأفلام دي بتعدي على مصنفات ورقابة والدولة بتجيزها قبل ما تعرض، وبتدفع ضرايب وأجور وبتشغل عمال وفنيين وممثلين.. السؤال المهم بقى، هل الصح إننا نحمل السبكي تقصير المنتجين الأخرين ووزارة الثقافة وقطاع الإنتاج في تقديم أعمال فنية ذات محتوى جيد وعندها قدرة على النجاح؟

أنا من وجهة نظري إن مسؤول قطاع الإنتاج اللى بينتج مسلسلات رمضانية بميزانيات ضخمة لنجمات ونجوم فقدوا بريقهم من سنين، وبتتسوق قهرا للتلفزيون المصري وقنوات النيل، بيجرم في حق الفن أكتر من السبكي، لإنه بيهدر فلوس الدولة على أعمال لا تستحق، وفي نفس الوقت بيسمح بوجود أعمال لولا إنها بتتسوق لتليفزيون الدولة ما كانتش هتنتج من الأساس، وبالتالي ما بيسمحش للسوق بإنه ينقي نفسه ويفضل فيه بس اللى عنده قدرة يقدم أعمال تشد الجمهور.

أنا باستغرب برضه استنكار الناس الشديد من تواجد فيفي عبده في مناسبة عامة، مع إنها شخصية عامة وبتقدم برامج ومسلسلات زيها زي ممثلات وفنانات كتير.. والصراحة مش فاهم إيه اللى يقلل من قدر مصر إن راقصة معتزلة تحضر مناسبة عامة، إذا كانت بتشتغل راقصة ضمن قوانين الدولة وبتورد ضرايب اللى معظم مجتمعنا بيحاول التهرب منها! أنا ممكن استنكر لو هي مختارة ضمن لجنة معينة أو لها صفة رسمية لإنها ست بسيطة ما عندهاش وعي ولا ثقافة تسمح لها تناقش مواضيع عامة، لكن تواجدها في مناسبات أو احتفالات عندي أفضل 100 مرة من موظف مرتشي أو رجل أعمال تصالح في قضية ضريبية أو مسؤول عليه شائعات تمس نزاهته.

الخلاصة

للعلم بس أنا مش من معجبين السبكي ولا محمد رمضان ولا فيفي عبده، ولا هيأثر عليا إنهم يتعرضوا لهجوم وتشهير ولا لأ .. أنا بس فارق معايا إحنا ايه القيم اللى بنشوفها المساس بها “عيبة” وإيه التجاوزات اللى بنتقبلها عادي .. لو ركزت في النقطة دي، هتلاقي إننا متسامحين جدا مع معظم الجرائم والتجاوزات اللى بتضر المجتمع بصورة مباشرة، زي الفساد والرشوة والواسطة والحسبة والتهرب من الضرائب والغش والنصب .. بنتفنن في التهرب من التأمينات، في الهروب من دفع الجمارك، في رشوة العسكري والأمين علشان ما ناخدش مخالفة .. فيه تظبيط المدرس والمعيد علشان ناخد أعمال السنة .. لكن اللى بيعمل تجاوزات ما بتمسناش بطريقة شخصية، نطير رقابته.

الخلاصة علشان أنا طولت عليكم، في فئات كتير في مجتمعنا ممكن يكونوا مش أفضل مثال للفن والثقافة، ولا هم الأفضل في مجالتهم، لكننا بنختار دايما إننا نعملهم شماعة نعلق عليهم تقصير المسئولين الحقيقين عن سلبيات المجتمع .. مع إن لو بوصلتنا مظبوطة ما كانوش هياخدوا مساحة نقد أكبر من مجرد أعمالهم اللى ما بتعجبناش.

اقرأ أيضًا:

كريم الدجوي: بورما وتشارلي إبدو وعلي جمعة!

كريم الدجوي: معادلة إعلام ما بعد يناير

 

 

 

تابعونا على تويتر من هنا 

تابعونا على فيسبوك من هنا