حلمي النمنم: نسعى لتسجيل "الأراجوز" في اليونسكو

حوار محمود خير الله – نقلاً عن مجلة الاذاعة والتليفزيون 

أجرت مجلة الإذاعة والتلفزيون حوارًا مع وزير الثقافة حلمي النمنم، تحدث فيه “النمنم” عن كافة الأوضاع الثقافية، والتعديلات الإدارية في الوزارة والتي خلفت غضب الكثير، كما تحدث عن تفاصيل الدورة المقبلة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والعقبات التي واجهت ملف “الأراجوز”.

وفيما يلي نص الحوار:

كيف قرأت المقالات التي طالبتك باستبعاد الشاعر فتحي عبد السميع، من رئاسة تحرير سلسلة أدبية، تصدر عن “الهيئة المصرية العامة للكتاب”، لأنه كتب رأياً، هاجم فيه ثورة 30 يونيو 2013، ومحمود الكردوسي كتب في صحيفة “الوطن” وقال لك ذلك تحت عنوان “لِم تعابينك يا نمنم”؟

ـ أولاً وبغض النظر عن اسم المسئول أو شخصه، وبغض النظر عن الذين كتبوا من زملاء المهنة، فهناك قاعدة تحكم الأمر، أنا مع حق كل إنسان في التعبير عن رأيه، مهما كان هذا الرأي قاسياً، ومهما اختلفنا معه، ومهما كان هذا الرأي حاداً أو كان ـ حتّى ـ بذيئاً، فلابد أن نستمعَ إليه، أنا أقلق فقط حينما يتحول الرأي إلى عنف، أو يدعو إلى الإرهاب، وأقول لكل من لا يرى في 30 يونيو ثورة، هذا رأيك وأنت حر فيه، لكنني أرى أنها ثورة وثورة عظيمة بكل المقاييس، لكن أن يكون هناك مثقف يرى أنها ليست ثورة، فهذا حقه، وليس مطلوباً مني أن أصادره، وبالتالي أن يرى مواطن “مثقف أو غير مثقف” أنها ليست ثورة، فهذا حقه، أنا كأحد المقتنعين بالثورة أظل على قناعتي بها، وأشرح وجهة نظري للآخرين، أما أن أعاقبه أو أنتقم منه، بسبب هذا الرأي، فأنا لستُ مع ذلك.

أتذكر أنك كتبتَ من قبل رافضاً إصدار قانون “سب الثورات”؟

ـ نعم.. حينما التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي عدداً من شباب الإعلاميين، وخرج منهم مَن قال إنه طالب الرئيس بإصدار قانون يعاقب من يسب الثورة، ساعتها كتبتُ دراسة نشرتها جريدة “التحرير”، على صفحتين، اسمها، “سبُّ الثورات أهون من تقديسها”، طالبت فيه الدولة بعدم إصدار هذا القانون، لأن “تفصيل” القوانين، لا يليق بثورة ولا بمواطنين أحرار، وأنا من المؤمنين مثلاً، أن ثورة 1919، من أعظم الثورات الشعبية في تاريخ مصر، لكن هناك مدرسة في التاريخ المصري تعتقد أنها لم تكن ثورة، وأرى أن 23 يوليو 1952 ثورة، وهناك من يرى أنها مجرد “انقلاب عسكري”، وأنا أرى أن ثورة مايو 1805، ثورة من أعظم الثورات في تاريخ مصر، مع أن ناساً كثيرين قد لا يعرفون عنها شيئا بالمرة.

أجريتم تعديلات إدارية في وزارة الثقافة خلفت الكثير من الغاضبين.. ما أبرز ملامح هذه التعديلات؟

ـ أولاً هناك اكتشاف يجيب على سؤالك بوضوح، حين تعرف أن الحجم المخصّص للإنفاق على النشاط الثقافي في هيئة مثل القصور العامة لقصور الثقافة هو 6% فقط من ميزانيتها، فإن ذلك بحاجة إلى وقفة، ونحن نحاول أن نزيده، وقد زدناه قليلاً، ونحاول أن نحصل على مساهمات من عدة وزارات، لرفع هذه النسبة.

ثانياً نحن نعيد النظر في أمور كثيرة، فحين تعرف أن رئيس تحرير إحدى المجلات الصادرة عن وزارة الثقافة قابعٌ في موقعه منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي “القرن العشرين”، فعليك أن تعرف أن الأمور لا يمكن أن تستقيم هكذا أبداً، خصوصاً أنك قد تجد من يرفع شعارات الثورة في وجهك، لأنك تريد أن تغير مثل هذه الأوضاع.

البعض تحدث عن مذبحة قيادات في “هيئة قصور الثقافة” مثلاً قبل نحو شهرين؟

ـ نحن في دولة القانون، والقانون يقول إن رئيس التحرير مدته ثلاث سنوات لا تُجدد إلا لمرة واحدة، وهذا هو القانون الذي أتمنى أن نطبقه في الوزارة، وبنص القانون لم نقترب من الحقوق المادية لأي موظف، لكننا نريد أن نضمن أولاً عمل الوزارة بشكل كفء.

تعاني جوائز الدولة كثيراً من المشكلات، هل تكون صاحب السبق في تعديل شروط الترشح؟

ـ حينما قرأت تفاصيل المترشحين لجوائز الدولة ومنها الجائزة التشجيعية، فوجئت حقيقة بعدد لا بأس به من كبار السن، بينهم من هو على حافة عامه السبعين، وبينهم من تجاوز السبعين عاماً، وكنا قد قررنا “جائزة التفوق”، لمن لم يصل إلى التقديرية، وفاتته التشجيعية، ولذلك طلبت من السادة النواب في البرلمان أن نضع مادةً في القانون نحدد بها سن 45 سنة لجائزة الدولة التشجيعية، وهم بدأوا بالفعل العمل على القانون وهناك تعاون تام مع مقرر هذه اللجنة، الزميل العزيز أسامة هيكل.

بمناسبة البرلمان.. هل طلبت من أعضائه تعديل القانون لكي لا تصل جائزة الدولة إلى أيَّ من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، بوصفهم “أعداء الدولة”؟

ـ لا لم أطلب ذلك، كنا نتحدث عن الثنائية التي نتحدث عنها منذ سنوات في الصحافة، عن المثقف والموظف في منح جوائز الدولة، وأنا أشرح الخلفية التاريخية، حينما كان “عدد الموظفين” أكبر من عدد المثقفين، فأنا قلت ربما كان المُشرِّع، وقتها “سنة 1958” يريد أن يمنع أعداء الدولة من الحصول على الجائزة، لأن اسمها “جائزة الدولة”، لكن أنا لم أطلب ذلك، لأن الجائزة في نهاية الأمر، وكما يعرف الجميع، تعرض على لجان علمية مُتخصصة.

البعض يتهم الوزارة منذ مدة بأن ذائقتها الشعرية “قديمة”، والدليل هو نماذج الشعر التقليدي التي تفوز بجوائز الدولة التشجيعية منذ عقود؟

ـ دعني أتحدث عن تجربتي في هذا السياق، أنا كوزير للثقافة هذا العام، لم أتحدث إلى أحد في اللجان العلمية المشرفة على الجوائز، ولم أعط توجيهاً ـ تلميحاً أو تصريحاً ـ بأن تصوت لفلان أو لا تصوت لفلان، وأظن وأنت تتابع، كان لي أصدقاء حقيقيون مرشحون لجوائز الدولة هذا العام ولم يحصلوا عليها، وهذا الكلام أقوله لأول مرَّة، لأنه وقبل إعلان الجوائز بعشرة أيام، تلقيت اتصالاً تليفونياً، حزنتُ بشدة بسبب ما جاء في هذا الاتصال، وكان من أحد المرشحين لجائزة النيل للعلوم الاجتماعية، الحقيقة هي أنني اعتبرت هذا الاتصال إهانة مباشرة لي، قبل أن يكون إهانة للجائزة أو للدولة، لأن صاحب المكالمة إما أنه يتصور أنني لا أعرف قيمته، أو أنني قد أغيِّر رأيي من أجل مكالمته، وفي كل الحالات أنا اعتبرته اتصالاً مهيناً، ووصلتني رسائل من 3 مرشحين على هاتفي المحمول، ولذلك أغلقت الموبايل نهائياً لمدة عشرة أيام متواصلة، ولم أفتحه إلا بعد إعلان الجوائز بساعات.

هل على شعراء قصيدة النثر أن ينتظروا رحيل الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي ـ أطال الله عمره ـ لكي يحصلوا على واحدة من جوائز الدولة؟

ـ بعيداً عن “شخصنة” الأمر، على شعراء قصيدة النثر أولاً أن يتقدموا بالترشح لنيل الجائزة، فليس هناك نص في القانون يمنع حصول قصيدة النثر على جائزة الدولة، وأنا لا أعرف بالضبط إذا كان هناك من تقدم أم لا، لكنني في المقابل لا أريد أن يُفهم من تصريحاتي هذه أنني أطالب مثلاً بـ “كوته”، الأمر طبعاً ليس هكذا، وربما مَن تقدموا من شعراء قصيدة النثر لنيل الجائزة في السنوات الماضية، لا يصلحون، أنا لا أعرف هذه التفاصيل، لكن القانون لا يمنع أحداً من الترشح.

بماذا ترد على الأسئلة المثارة بشأن اللجنة المشكلة للإعداد لملتقى القاهرة الدولي للشعر العربي الرابع، البعض يقول إنها تضم مجموعة من شيوخ الشعر والنقد يمثلون دور الاساتذة، وأن عدداً من تلاميذهم يمثلون دور الشباب في اللجنة؟

ـ يمكن أن نفكر في دراسة هذا الموضوع، أي أننا يجب أن نضع آلية تضمن عدم استبعاد أي تيار في الشعر، من هذا الملتقى، بمعنى أننا مثلاً سوف آتي بك يا محمود وأنت تكتب قصيدة النثر..

على سبيل المثال..!!

ـ دعنا نفترض.. هل يعني ذلك بالضرورة أن تكون معادياً للتيارات الشعرية الأخرى، أو أنك سوف تقوم بتجاهلها، هذا هو المعيار، لأننا لو مشينا على هذا المنوال سنصل إلى مدى صعب.

لكن عبدالمعطي حجازي يمارس هذا الاستبعاد.. وهو عضو في اللجنة الموقرة؟

ـ الحديث عن أن عبدالمعطي حجازي يستبعد التيارات الأخرى تماماً مسألة فيها أيضاً مبالغة، لأنه مثلاً في جوائز الدولة كان حجازي من أشد المتحمّسين للشاعر فاروق شوشة، وهو ليس من تياره، شوشة نفسه كان قدم كل التيارات الشعرية في برنامجه التليفزيوني الشهير “لغتنا الجميلة”، ولا أظنه استبعد أحداً، وبالتالي أنت تكلف من تفترض فيه النزاهة والأمانة، ولا يعني أنني على خلاف مثلاً مع مسئول في مجلة “الإذاعة والتليفزيون”، مثلاً، أن أكون ضد وجودها كمجلة، أو ضد المحررين الذين يعملون فيها، ولذلك أقول لك ممكن أن نعيد التفكير، لنضع آلية تضمن تمثيل كل التيارات الشعريَّة، وهذا نهج في الوزارة، فعندنا مطبوعة ثقافية، هي جريدة “القاهرة”، لكننا دعمنا جريدة “أخبار الأدب”، لأنها في نهاية الأمر، مطبوعة ثقافية مصرية.

هل تقصد دعماً معنوياً أم مادياً؟

ـ نعم أقصد الدعم المادي أيضاً.. هم طلبوا تأسيس مسابقة أدبية، وقد شاركنا في الدعم المادي، وحين قالوا إنهم يريدون زيادة جوائزهم من 50 ألف جنيه إلى 75 ألف جنيه، طلبت منهم تخصيص الـ 25 ألفاً للمُترجمين، وقد حدث ذلك لتشجيع الترجمة، ولهذا لا يجب أفترض الاستبعاد في عمل أي من جهات الوزارة، ونحن نؤمن بأن الجميع يجب أن يكون مُمثلاً في الأنشطة، لأنه طبقاً لهذا يمكن أن تقول إن فاروق شوشة أمين عام “مجمع اللغة العربية”، سيكون منحازاً لخياراته هو في شعر الفصحى، بينما رأيناه وهو يقدم الشاعر العربي الكبير نزار قباني، في التليفزيون المصري، باحترام وإكبار شديدين.

ماذا عن الدورة المقبلة لمهرجان القاهرة السينمائي، هل ننتظر تحسناً في الموازنة يساعد على انجازه بصورة أفضل؟

ـ هناك تعاون كبير مع وزارة السياحة، في هذا الملف، وننتظر أن تتحسن ميزانية المهرجان العام المقبل، حيث أنفقنا أكثر من 6 ملايين العام الماضي، وهناك محاولات لزيادة الميزانية.

متى تطلقون جائزة “نيلسون مانديلا” للأدب الأفريقي من القاهرة؟

ـ أولاً هناك مجالات تعاون كبيرة بيننا والدول الأفريقية، بينها استضافة 8 دول إفريقية، في معرض القاهرة الدولي للكتاب، 2015، وقد كان المعرض في السنوات السابقة يتجاهل دول القارة بشكل مبالغ فيه، باستضافة تونس والسودان والمغرب، باعتبارها “دول أفريقية”، بينما نحن استضفنا 8 دول أفريقية إلى جوار الدول العربية الأخرى، هذا أولاً، وثانياً، شاركنا في عدة معارض للكتاب في دول أفريقية، وشاركنا بفرقنا في عدة لقاءات ونعد في المجلس الأعلى للثقافة مؤتمراً لـ “الثقافات الأفريقية”، ولدينا تواصل مع دول أفريقية، حيث شاركنا في مؤتمر عن الثقافة الأفريقية أقيم في أديس أبابا، بالإضافة إلى “مهرجان الأقصر السينمائي”، ما تتحدث عنه هو اقتراح بتأسيس جائزة مصرية للأدب الأفريقي، باسم “جمال عبدالناصر” أو “نيلسون مانديلا”، وكلاهما زعيم أفريقي كبير، ونحن ندرسه بالتعاون مع لجنة الشئون الأفريقية في البرلمان، ويمكن أن تدخل معنا جامعة القاهرة لأن لديها معهد للدراسات الأفريقية، وهناك خطوات قد نعلن عنها قريباً في هذا الاتجاه.

كيف فشلت مصر في تمرير ملف “الأراجوز” ليكون مسجلاً باسمها في قائمة التراث غير المادي، في منظمة اليونسكو؟

ـ أظن أن “الأراجوز” قد يقر في الاجتماع القادم،  وأعتقد أننا رغم التحديات بصدد النجاح في الوصول بهذا الملف إلى اليونسكو، لكن بشكل عام حين سألت عن التراث المصري المسجل في اليونسكو، لم يعجبي العدد حقيقة، لأن لدينا من التراث ما يستحق الانضمام، وجدت أن العدد ضيئل جداً، ولا يتناسب مع قيمة التراث المصرية وتنوعه، وجدت مثلاً أن الصين لديها أكثر من 380 فناً مسجلاً، ولذلك أعدنا تشكيل اللجنة المكلفة بإعداد الملف، وهي مشكلة من عدة وزارات، وهناك تعقيدات بيروقراطية أعتقد أننا نجحنا في التغلب عليها.

نرشح لك

[ads1]