مروة جمعة: قوم نادي ع الصعيدي!

يجلس مذيع قناة الصعيد خلف طاولة زجاجية من طبقتين، تشبه تلك المخصصة لشاشات التلفزيون في المنازل، أمامها ثلاث وسادات بألوان مختلفة “أبيض، وأخضر وبنفسجي”، على سجادة ذات لونين “وردي وبيج فاتح”، أقصى اليمين كرسي طرازه قديم نوعًا، عليه وسادة حمراء، ومزهرية بها ورود بلاستيكية على طاولة زجاجية، نرى على أطراف الكادر يمينًا ويسارًا لونًا أصفر يمكن ببعض التخمين أن تكون أطراف وسادتين، في الخلفية علم مصر، وخطوط متوازية من المعدن.

يبدأ المُذيع حديثه قائلًا:

“حلقة النهارده مهمة جدًا –يضغط على جدًا- وفيها دروس وعبر، وفعلًا هانستفيد منها جدًا، والأسرة المصرية هاتستفيد، بس نركز، ونشوف الدروس والعبر”.

*********
بعد مقدمة الحلقة، يدخل طفل أتى وأسرته من بولاق الدكرور-الجيزة ليست من المحافظات التي تتوجه لها القناة برسالتها الإعلامية – للاستوديو في المنيا ليتسلموا جائزة مسابقة البرنامج المكونة من أجهزة كهربائية، يدور الحوار التالي:
-إنت من بولاق الدكرور الجيزة وبتشوف البرنامج بتاعي ولا لأ؟
-طبعًا.. طبعًا
-(بدهشة من لا يصدق نفسه) بتشوف البرنامج؟

*********
في عام 1993 افتُتحت القناة السابعة المحلية (قناة الصعيد حاليًا) التي تبث إرسالها من محافظة المنيا، ويفترض أن تهتم خدميًا بمحافظات شمال الصعيد.

في تلك الفترة كان شعار القناة السابعة زهرة اللوتس، وكانت تبث برامج خدمية، بالإضافة إلى برامج المسابقات الخفيفة، وبعض المسلسلات التلفزيونية المُعادة، إلى أن تم فصل القنوات الإقليمية عن القنوات الرسمية لتُصبح “شبكة تلفزيون المحروسة”، التي تضم قنوات “القاهرة”، و”القنال”، و”الدلتا”، و”الصعيد”، وطيبة”، وذلك في عام 2010، ثم إطلاقها على النايل سات في الأول من أغسطس 2011. في الثلاث سنوات الأخيرة تغير الشعار الخاص بهذه القنوات حتى استقر الوضع على “لوجو” أو شعار مُوحد لجميع القنوات.. دائرة من الألوان، تدور بين الحين والآخر، قريبة الشبه بألوان شعار متصفح الانترنت “جوجل كروم”.

**********
يشتاق المُشاهد بعد مقدمة الحلقة لوجبة دسمة من العبر والدروس، أو الدروس والعبر كما قال مذيع البرنامج الذي يذاع على قناة الصعيد، يبدأ المذيع في شرح مضمون الحلقة التي سيحاور فيها شخصًا قتل زوجته قائلًا “موضوع الحلقة مهم جدًا، ولازما نبقى إحنا مركزين فيه لأن فيه رسايل كويسة قوي”، ويبدأ في سرد حكاية العروسة التي وافقت على الزواج من قزم، وكيف تطورت الأمور بعد شهرين من الزواج من تدخل الأهل إلى معايرة الزوجة له بأنه قرد، ثم قتله لها ضربًا.

ربما تساءل المشاهد عن الفائدة العظيمة من وراء القصة، يقاطع المذيع أفكار المشاهد قائلًا “نشوف اللي حصل، ونشوف اعترافات الزوج… ونشوف آرائكم في موضوع القرد”
**********

” أطالب جميع الزملاء بتقديم كل جهد من أجل تطوير الشاشة والتفاعل مع مشاكل المواطنين وتسليط الضوء عليها مع محاولة إيجاد الحلول المناسبة لها”.

جزء من تصريح لـ “عادل نور الدين” رئيس قطاع القنوات الإقليمية في إطار تأكيده أن بث هذه القنوات مستمر على النايل سات.
الأهرام 28 أكتوبر 2011.
********
يبدأ التقرير بصورة لجثة الزوجة القتيلة، مع موسيقى حزينة معزوفة بآلة الكمان، يستخدم المخرج مهاراته الإخراجية عن طريق الـ “الزووم إن” لتقريب الصورة عدة مرات، ثم مشهد للزوج في طريقه إلى المكتب الذي سيُجرى به الحوار –على الأغلب مكتب مأمور السجن- وصورة مرة أخرى لجثة القتيلة، والكثير من الموسيقى الحزينة، والتبريرات المتوارية للجريمة.

**********
في حلقة أخرى من البرنامج يبدو أن مشاكل المذيع الشخصية تقاطعت مع “كوكتيل” الجرائم الأسبوعي الذي يقدمه فكانت تبريرات المذيع لجريمة أخرى أكثر وضوحًا قائلًا:

“تنفرد المرأة المصرية عن اللبنانية والمغربية عن السورية والتونسية –كرر هذه الجنسيات مرة أخرى- بإن همها الاول اصطياد الزوج ثم تهمل الزوج، بعكس أي زوجة تانية مسخرة نفسها وإمكانياتها لإسعاد زوجها في البيت” واستأنف قائلًا حكاية الزوجة القتيلة الحامل في 4 أشهر:

“مجرد ما اتجوزت ما فيش نضافة شخصية، ما بتستحماش ما بتعرفش تسلق بيض، كل حاجة بتعملها أمه وإخواته، ما بترضاش تنضف.. إلخ”، تقمص المذيع جسديًا دور الزوج وهو (يكتف) زوجته، ثم قال أن القاتل هشم رأسها.. وفي نهاية المقدمة قال الدرس والعظة من وراء الحلقة إنها رسالة لكل آنسة ستتزوج، ولكل امرأة متزوجة بأن تراعي زوجها وخدمة البيت.
******

” صرح د. هاني جعفر رئيس قطاع القنوات الإقليمية، بأنه في إطار سعي القطاع للتطوير المستمر والتفاعل مع جمهور المشاهدين سواء من خلال المشاركة في البرامج الجماهيرية أو التعبير عن مشاكلهم اليومية وإيجاد حلول لها يقوم القطاع بتقديم خدمة جديدة بإذاعة أهم الأخبار عبر شاشات القنوات الإقليمية بالميادين العامة والشوارع الرئيسية… وأضاف جعفر بأن القطاع مستمر في التطوير لتحقيق أهدافه التنموية من خلال التعبير عن المواطنين ومشاكلهم وكذلك عرض الإنجازات التي تُحققها الدولة في كافة المجالات لتحقيق التنمية لرفعة الوطن والمواطنين”.
بوابة الفجر 14 يناير 2015

*******
البرنامج السابق ذكره جزء ضئيل من متاهة القنوات الإقليمية، سواءً على مستوى الصورة، أو جودة المادة المُقدمة، أو مهنية المُذيع في قناة تنتمي إلى شبكة من المفترض أن تُدعى (المحروسة)، وهذا يستدعي تساؤلًا: إذا كانت بهذه الصورة محروسة.. فماذا فعل بها حراسها؟!

تابعونا على تويتر من هنا 

تابعونا على فيسبوك من هنا