حسام مصطفى إبراهيم يكتب: كل «أمين» خذلته «ورد»!

نقلا عن اليوم الجديد‎

ينظر أمين إلى ورد بتركيز أكثر من كل المرّات التي رآها فيها خلال حياته، فهو الآن لا يراها كامرأة، لكن كحلم يوشك على الانتهاء.

يحفظ تفاصيلها، لأنه سيستدعيها كثيرًا فيما بعد، في مواجهة وحدته القارسة التي لن تنتهي منذ اللحظة.

يمدّ إليها يده، ليُنهضها، فهو فوق، وهي تحت، وكما المرة السابقة، تستجيب، وترتفع بالجسم لا بالروح، وتقف في مواجهته، لكن في درجة أقل منه.

يمرّر أصابعه على ملامحها، التي منحته السعادة والألم، المتعة والعذاب، الوجود والعدم، دافع الحياة ودافع إنهائها! يستخدم أكثر من حاسّة في تخزينها بداخله، لعله كلّما أدركها أكثر، واستوعبها أكثر، اكتشف شيئا غامضًا فيها يقنعه أنه واهم، أو مجنون -هو يفضّل الجنون على الحقيقة الآن!- وأن حياة روحه ليست على وشك الانتهاء!

يريد أن يلتمس لها العذر، ويكذّب حتى نفسه، لكن ملامحها المُقرّة لا تدع له فرصة!

يحتضنها، وهو في الواقع يحتضن نفسه في صورتها، ويُطبطب على روحه، يواسي لحظته التالية، قبل أن يأخذ قراره النهائي، ويُغلق على نفسه أي باب للرجعة، يقيّد يديها، فيما هو في الواقع يقيّد أمله في براءتها، ويمنع ظنونه من الحركة، ويدفع بكل شيء للحافة!

وكسيزيف يحمل صخرة عذابه، ومسيح يحمل صليبه، حمل أمين ورد، وبِذرتها/ابنها راغبًا في اقتلاع كل شيء من جذوره، قرار نهائي بالفناء المطلق، والغياب، متجهًا إلى حيث يصعد الجبل، ويُصلب قلبه للأبد.

تتعالى الموسيقى كالنواح، وتشتبك مع صوت ورد وهي تسأله عمّا به، متّهمة إياه بالجنون، مردّدة اسمه بين الحين والآخر، بطبقات صوتية مختلفة، تحاول إيقاظه، ودفع القدر، متعجبة من أن أسطورتها الذاتية توشك على الانتهاء، وشمسها تغيب تدريجيا في قلب الرجل الذي تصوّرتْ أنه ملكها للأبد!
يمضي أمين، غير ملتفت إلا لرغبته في مواجهة أبشع كوابيسه، والوصول لذروة عذابه، يضرب باب مراد بقدمه، بديلا عن ضرب مراد نفسه، فهو من دنّس المعبد، وكتب أول بيت في قصيدة الكفر بالنعمة، ثم يلقي حِمْلَه مرة واحدة بلا تردد، لقد أورثته الخيانة قسوة في القلب ليست من طبعه، لكنه يحتاجها الآن، كي يتمكن من فعل ما لم يتصوّر قدرته على فعله أبدا!

تسقط ورد، من يد أمين ومن قلبه ومن نظره، وتصبح قطعة ديكور في مملكة مراد العاجز عن التفوّه بكلمة. ينظر أمين للطفل الذي قُدّر له أن يكون ثمرة الخيانة، وهو في الوقت نفسه وسيلة خلاص أمين، دون أن يدري، فهو رمز للفُجر والنقاء في آنٍ، يودّعه بلطف يليق بطهارته، وطهارة أمين، ثم يرفعه إلى أعلى، إشارة إلى أمله في أن يستمر نقيًا ولا يتورط في مستنقع آبائه، أو يجرّونه إلى أسفل معهم.

يطلق أمين رصاصته الأخيرة بصوت أجش من خارج هذا العالم: (الحاجات دي تخصّك ما تخصّنيش).

ثم ينسحب، قويًا ضعيفًا صامدًا مهزوزًا نبيلا مهانًا فائزًا مهزومًا رجلا طفلا… وفي كلٍ.. وحيدًا حدّ الذبح.

ويتركنا نُعيد المشهد مرارًا وتكرارًا، نستحلب مرارته، ونمضغ لعنته، ونغوص في سوداويته، ونحن نصفّق، نصفّق، نصفّق، ودموعنا تغادر مرافئها في عيوننا، على كل أمين خذلته ورد!

نرشح لك

بالفيديو: أحمد الطيب يعود على هذه القناة

التفاصيل المتوقعة لنهاية مسلسل “الأسطورة”

القائمة الكاملة لنجوم مهرجان إعلام.أورج – رمضان 2016

شارك واختر.. من الممثلة الشابة الأكثر جاذبية في رمضان 2016؟ اضغط هنـــا

بنر الابلكيشن