نيللي وشيريهان.. أفضل مسلسل كوميدي أم "أحسن الوحشين"؟

إسراء النجار

قبل انتهاء الموسم الرمضاني، نجد شبه إجماع على أن المسلسل الكوميدي “نيللي وشيريهان” مَثّل “الحلو” الرمضاني الذي خفف من “كآبة” الشاشة وسط مشاهد الأكشن والقتل والدراما النفسية والاجتماعية وحتى الشعبية الثقيلة، ولكن نجاح “نيللي وشيريهان” وتحقيقه أعلى المشاهدات عبر موقع المشاهدات “يوتيوب” لا يعني أن العمل نُفذ على أكمل وجه بقدر ما يعني أنه “أحسن الوحشين” في الدراما الكوميدية بالشهر الكريم، وأن هناك بعض المؤشرات يجب أن يلتفت إليها صناع الكوميديا وبالأخص “نيللي” و”شيريهان”!

(1)

ارتباط المشاهد بالوجهين المحببين دنيا وإيمي سمير غانم جعله يشعر في عدد كبير من الحلقات أنه يشاهد العمل من أجل خفة ظل “دنيا” و”إيمي” وليس “نيللي وشيريهان”، وهنا المشكلة تكمن في النص الذي حاول جاهدًا أن يقدم حوارًا خفيفًا ممزوجًا ببعض “القلش” دائمًا وبعض الاستعراضات والأغاني أحيانًا، مع الاعتماد على نجومية بعض الفنانين الذين حلوا كضيوف شرف، ولأن بعض ذلك نسبي ويختلف من حلقة للثانية فتفاوتت مستوى الحلقات واختلف الإقبال عليها وهذا يمكن رصده من خلال المشاهدات، فالحلقات الأكثر جاذبية هي التي أدخلت عناصر جديدة لأن المشاهد شعر بممل كبير من التركيز على التناقض بين الشخصيتين الأساسيتين “نيللي وشريهان” دون أن يقدم كوميديا جديدة لافتة.

(2)

المؤلفون كريم يوسف ومصطفى صقر ومحمد عز الدين، واجهوا مشكلة كبيرة في سيناريو العمل وهي عدم القدرة على الابتكار وخلق تفاصيل متجددة لشخصيات العمل قادرة على الجذب، والاعتماد بشكل ممنهج على توظيف أو السخرية من أغنية أو مشهد سينمائي أو إعلان، فيما جاء عدد كبير من المشاهد التي من المفترض أنها تضحك “واقفة” وثقيلة الدم وليس لها معنى، وكمثال على الاعتماد بشكل مبالغ فيه على الاقتباس، استعان الكتاب في الحلقة الثالثة والعشرين بإعلان الأطفال الشهير “الدوندو” الذي أثار الجدل، وتكرر الاقتباس من الإعلانات في الحلقة الخامسة والعشرين من خلال التهكم على الإعلان الرمضاني لمستشفى مجدي يعقوب الذي شاركت فيه “دنيا”، ولا ننسى تقديم سامي مغاوري في الحلقة الـ16 شخصية “عبد الملك زرزور” التي جسدها الفنان محمود عبد العزيز في فيلم “إبراهيم الأبيض”، في حلقة حققت على “يوتيوب” نحو مليون وربع المليون مشاهدة. هكذا حاول الكتاب إعادة البريق للحلقات عبر الاستعانة بأعمال أخرى ناجحة سواء إعلان أو أغنية أو فيلم أو غيرها، وهو ما انتهى إلى اقتباس أحد مشاهد العمل من فيلم أجنبي، في إفلاس واضح من كتاب العمل، لأن سيناريوهات الأعمال الكبيرة لا تُكتب في فواصل الإعلانات!

نرشح لك: بالفيديو : المشهد المسروق من فيلم أمريكي في “نيللي وشيريهان”

  (3)

محاولة المخرج أحمد الجندي للتميُّز وتقديم شيء مختلف، كانت تقتضي أن يُخرج للمشاهد ما لم يشاهده من “دنيا” و”إيمي” لأن موهبتهما وقدرتهما على الاستعراض والغناء في حاجة لمزيد من الخيال والجنون بعيدًا عن اللعب على الأدوار النمطية والأداء التقليدي، كذلك فإن الاستعانة بالشخصيات التي يحبها الجمهور دون أن تقدم جديد، لا يفيد، فالوجهين الشابين محمد سلام ومصطفى خاطر مثلًا، موهبين ولديهما حضور وبساطة تمثيلية ممتعة لا تُشعر المشاهد بالاستظراف والتكلف الذي يقع فيه الكثير من أبناء جيلهما، ولكنهما لا يزالان محبوسين في نفس طريقة الأداء الكوميدي وبالأخص “خاطر”.

(4)

الثنائي دنيا وإيمي سمير غانم أصبح يشكل قوة جذب ناعمة يمكن الاعتماد عليها بشكل ثنائي أو منفرد في أي عمل، لأن لكل منهما حضور محبب لنفس المشاهد، الذي لا يمل منهما، وخاصة “دنيا” ذات الرصيد والموهبة الكبيرة، والتي خرجت بذكاء وتدرج من عباءة الظهور مع الفنان أحمد مكي في أجزاء “الكبير أوي”، وخلقت لنفسها المكانة والوجود على الشاشة فأصبح الجمهور ينتظر جديدها دائمًا، لذا عليها أن تعي أن الجمهور يمل سريعًا ولا يغفر كثيرًا، صحيح أنها تحاول جاهدة أن تكون مختلفة ولكن “شغف” مشاهدتها سيقل تدريجًا إذا اعتمدت على الأفكار ذاتها في الأعمال وهنا لا نعني تغيير تفاصيل الشخصية وطريقة حديثها ولون شعرها بقدر ما نعني أن يكون هناك إطار مختلف للطرح، وهنا المسئولية الأكبر تقع على عاتق كتاب الكوميديا لأن التكرار والنحت في الشخصيات والأفكار يؤديان إلى عدم المتابعة وهو ما نلمسه بشدة في بعض مسلسلات رمضان التي هجرها الجمهور رغم ارتباطه المسبق بأبطالها.

نرشح لك: أفضل مسلسل كوميدي في مهرجان إعلام.أورج : نيللي وشيريهان اكتساح

(5)

الرسالة هنا موجهة لصناع الأعمال الكوميدية الذين يعانون من أزمات كبيرة على مستوى الكتابة والإخراج، وهو ما نلمسه بشدة العام الحالي فنجد بعد عرض بعض المسلسلات التي من المفترض أنها كوميدية مهمتها إضحاك المشاهد مثل “بنات سوبر مان” و”صد رد”، أن هناك أزمة عامة في الكوميديا، والأدهى أن جيل 2016 قد يضحك عندما يشاهد كوميديا التسعينيات في مسلسلات مثل “وإنت عامل إيه؟” الذي أُنتج عام 1997 وأجزاء “يوميات ونيس”، أكثر مما يضحك أمام الدراما الكوميدية في 2016.

وأبرز تجسيد لأسباب تراجع الكوميديا هو الفنان علي ربيع، بطل “صد رد”، الذي شارك “دنيا” العام الماضي في بطولة “لهفة”، إذ لا يزال هو “علي ربيع مسرح مصر” دون تطور، ورغم أنه يتمتع بشعبية كبيرة بين الأجيال الشابة، إلا أن أحدًا لم يتذكره العام الحالي، لأنه بدأ رحلة السقوط العام الماضي عندما كرر نفس الأداء واعتمد على نفس “البلاهة” في كل الأعمال التي يقدمها، والمشكلة هنا لا يتحملها الفنان الشاب وحده، بقدر ما يتحملها معه المنتجين وصناع الكوميديا أصحاب الأفق الضيق، الذين يستغلون نجاح الفنان في أداء دور معين ليقدم بعدها سلسلة من الأداء الواحد، وإذا قرروا الابتكار يقومون بسرقة أو اقتباس بعض المشاهد من الأعمال العالمية! لذا فالكوميديا بحاجة إلى وقفة.. لا إلى ثورة.

نرشح لك: علي ربيع.. “البلاهة” لا تصنع نجم شباك

شارك واختار .. من الممثلة الشابة الأكثر جاذبية في رمضان 2016؟ أضغط هنـــا

بنر الابلكيشن