إياد نصار.. المجنون المعجون بالتمثيل

إسراء النجار

(1)

جاء إلى مصر محملًا بأعباء الهزيمة النفسية والأسرية بعدما تمرد على وضعه كـ”دوبلاج”، وهي المهنة التي لم تشبع رغباته الفنية. اختلف مع أهله وكاد أن يخسرهم بسبب نمطية النظر إلى العمل والوظيفة. مرت عليه أصعب اللحظات التي لم يملك فيها قوت يومه وحليب طفلته الصغيرة. عاني مرارًا كي يحفاظ على هوية مشروعه من الابتذال، وذلك كله لأن جنون التمثيل ناداه من بعيد.. إنه المبدع دائمًا فلسطيني الأصل وأردني الجنسية “إياد نصار”.

(2)

بعد مشوار طويل من البدايات امتد لمدة 10 سنوات في الأدرن، جاء إلى مصر. خاض بعض التجارب الفنية العادية، ومن ثم أعلن إياد نصار -بشكل غير معلن- احترافه التمثيل، وبزغ اسمه باعتباره أحد المواهب الثقيلة التي تأكل أنصاف المواهب على الشاشات، وربما أجابت كلمات الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ على لسان “طارق رمضان”، آخر أبناء “نصار” للفن، على التساؤل الأبدي لأي ممثل: “التمثيل كان بالنسبة لي رد على سؤال.. إيه قيمة الحياة؟ إيه دورنا فيها؟ والرد كان: قيمتها في الفن.. ودوري فيها إني أكون ممثل.. أمثل”.

(3)

قدم “إياد” مجموعة من الأعمال الهامة والأدوار المختلفة على مدار مسيرته أبرزها “الأمين والمأمون”، و”الجماعة”، و “المواطن X”، و”موجة حارة”، وغيرها من الأدوار التي لعبها  باحترافية وصدق، وتعكس نظرته للفن، فهو الفنان الذي ينتمي للعمل الجيد ويستفزه الدور الذي يصدقه وحسب، بغض النظر عن حسابات الألقاب وترتيب الأسماء وربما الأجر، خاصة أن استقبال الجمهور المصري له جاء تحت عباءة سيناريو وحيد حامد وإخراج محمد ياسين في عمل هام مثل “الجماعة”، ولكن “أنا” نصار المثقفة القارئة لم تغره وتلح عليه السعي للبطولات الوهمية التي لا يجني أصحابها ثمارًا سوى في التترات! وأقنعته بأن الدور هو الذي يبقى وأن مشاهده هي كنزه الحقيقي، لنجده يتقمص بصدق ويتفوق على ذاته ومن حوله بسلاسة وذكاء.

 

(4)

وأمام مشوار “إياد” ستجد أنه لا بد من وقفة مع أعماله الدرامية مع المخرج محمد ياسين، الذي لم يكتف بمغامرة تقديمه في دور الإمام حسن البنا في مسلسل “الجماعة” عام 2010، ولكنه أيضًا أعاد استخراج طاقات تمثيلية مخيفة من “نصار” في رائعة “موجة حارة 2013” المأخوذة عن رواية الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة “منخفض الهند الموسمي”، ليسحرنا أداء ضابط الآداب “سيد العجاتي” ونصدقه ونسانده بكل ما فيه من شك وأنانية وضعف، ومن ثم يلتقي “نصار” مع “ياسين” ومعنا مجددًا في “أفراح القبة” هذا العام.

 

(5)

تميَّز إياد نصار في “أفراح القبة” وسط هذا الكم من النجوم، للدرجة التي جعلت بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي يقتطعون أجزاء من مشاهده خاصة مع الفنانة منى زكي “تحية عبده” ويشيدون بها، وذلك بالطبع لم يأت من فراغ، لأن شخصية “طارق رمضان” غطت على روح “نصار” فلن يشعر المشاهد ولو لثانية واحدة أن إياد نصار حاضر في شخصية “طارق رمضان”، بداية من هيئته وطريقته المنكسرة وانفعالاته ونظراته الممتلئة بالهزيمة لفقدان “تحية”، مرورًا بطريقة تجسيده للدور والنقلات ما بين مشاهد حبه لتحية وغنائه “الهاشا باشا تاكا الهاشا باشا تك”، ووصولًا للحظات الإفاقة على أن “تحية” ماتت، لنجد حتى الآن في أرشيف إياد مع “أفراح القبة” مشاهد هامة ومؤثرة لا يمكننا سوى أن نصدقها ونحترمها ونصفق لصاحبها العاشق المجنون.

نرشح لك

بالساعة والدقيقة.. مواعيد مسلسلات رمضان 2016

شارك واختر .. ما هو المسلسل الكوميدي الذي تتابعه في رمضان؟ أضغط هنـــا

بنر الابلكيشن