طارق الشناوي يكتب : وعايزنا نرجع زي زمان

نقلا عن الشرق الأوسط

طرحت الفضائيات وانتشارها السريع وتغلغلها في الحياة قانونًا جديدًا، حيث إن الماضي صار دائمًا في حالة سخونة بعد أن أعيد له النبض، نعايشه وكأنه مولود الآن، وهكذا في أي لحظة من الممكن أن تستعيد أي عمل فني مهما باعدت بينك وبينه السنوات، «الريموت كونترول» هو الفانوس السحري الذي شاهدناه قديمًا في الأفلام يحقق رغبات إسماعيل ياسين، قبل أن تنتهي من طلبك ستجد المؤشر يقول لك «شبيك لبيك عبدك وملك إيديك»، ورغم ذلك لم ولن تتوقف تلك الإطلالة على الماضي، الذي كثيرا ما نبحث عنه، مثلما فعلنا قبل 70 عامًا في عدد من الأفلام الأبيض والأسود بعد دخول عصر الألوان، ثم كررناها قبل سنوات في عدد آخر مع تقنية التجسيم.

وما حدث في الشكل أعدناه أيضًا في المضمون، كثيرًا ما تعود الدراما للأرشيف وتُقلب بين صفحاته وتسعى لتقديم رؤية جديدة، وهو ما نتابعه الآن في الدراما المصرية الرمضانية من خلال مسلسلي «ليالي الحلمية» و«الكيف»، رغم أنه لا ينطبق عليه هذا القانون حرفيًا. فلا هو ماضٍ نقي وأيضًا ليس هو حاضر نقي، شيء يقف في مرحلة زمنية هلامية. في «الحلمية» التي عايشها البيت العربي منذ عام 87 وحتى 95، من خلال خمسة أجزاء حققت وقتها نجاحًا استثنائيًا، حيث إنها تُصنف كأشهر مسلسلات الأجزاء نجاحًا، يمر زمن يتجاوز 20 عامًا ويرحل كاتب المسلسل أسامة أنور عكاشة ومخرجه إسماعيل عبد الحافظ وتتغير الحياة في مصر ويتم الإعداد لجزء سادس، ويُثار الجدل قبل بضعة أشهر، وكان رأيي وقتها أن من حق الجميع التجربة، ولكن على من يتصدى أن يدرك حجم المسؤولية لأنه سيستدعي للذاكرة زمنًا محملاً بعبق وسحر خاص، وكان بالفعل صُناع «الجزء السادس» في حيرة، أحيانًا يتناولون الماضي ونرى في الخلفية صور نجومه القدامى أمامنا وهم يتحركون هنا وهناك، ثم يتذكرون أنهم يقدمون زمنًا آخر يبدأ من 2005 حتى هذه الأيام فيبدأون في ارتداء زي اللحظة الراهنة وإعادة ضبط الموجة، انضم عدد من قدامى نجوم الحلمية مثل إلهام شاهين وهشام سليم وصفية العمري للجزء الجديد، ليظل الخيط موصولاً، بينما زمن المسلسل الحالي يتناول سنوات غنية فكريًا ومن ثم دراميًا في مصر والعالم العربي، قبل تنحية مبارك بخمس سنوات، إلا أن المسلسل حتى الآن لم يُخلص للماضي ولم يروِ ظمأنا للحاضر، ورقص دراميًا وفكريًا على السلم.

تجربة أخرى بزاوية مغايرة لفيلم «الكيف» شاهدناه قبل نحو 30 عامًا، وكان يجمع بين يحيي الفخراني ومحمود عبد العزيز، المشترك بين الماضي والحاضر هو أن الكاتب محمود أبو زيد سمح لابنه أحمد أن يقدم رؤية ممتدة لنفس الشخصيات الرئيسية في الفيلم، وصار على الابن أن يبحث عن أي مساحات درامية ميتة ليملأها بأحداث، وبدلا مثلا من أن يقدم محمود عبد العزيز في الفيلم أغنيتين أو ثلاثة تتحول في المسلسل مع باسم سمرة الذي أدى دوره «مزاجنجي» إلى عشرة أو عشرين أغنية، ويضيف شخصيات ثانوية بلا منطق سوى أنه يريد أن يملأ الفراغ الزمني، حيث إن زمن الفيلم ساعتان بينما يصل المسلسل إلى عشرين ساعة.

لم يكن المتفرج على الموجة مع صُناع هذه الأعمال الفنية، فاتهم أن يتعلموا الدرس من أم كلثوم وهي تقول «وعايزنا نرجع زي زمان / قول للزمان ارجع يا زمان»!

نرشح لك

طارق الشناوي يكتب: موسم “الحيتان” ولا عزاء لـ”البساريا”!

بالساعة والدقيقة.. مواعيد مسلسلات رمضان 2016

شارك واختر من النجم الأفضل في إعلان فودافون رمضان ٢٠١٦؟ اضغط هنـــا

بنر الابلكيشن