جورج صبري: هوس الترافيك إلى زوال

محمد عبد الرحمن

من خلف شاشة الكمبيوتر الخاصة به داخل شركة سرمدي يتابع جورج صبري رئيس تحرير مواقع الشركة أكثر من 200 مصدر للأخبار داخل وخارج مصر، هي نفسها المصادر التي يستمد منها موقع أخبارك.نت ألوف الروابط يوميا التي يجمعها وينظمها ويرتبها حسب الأهمية ويقدمها لما يوازي 10 مليون قارئ شهريا.

سرمدي هي الشركة التي تدير منذ إنطلاقها مواقع في الجول وفي الفن وكونتاكت كارز، انضم لهم قبل عامين موقع أخبارك.نت الذي يمنحه صبري – 32 سنة – لقب أذكى محرك بحث عن الأخبار داخل مصر.

قبل عامين كانت صفحة موقع أخبارك. نت على فيس بوك تعتمر بثلاثمائة ألف مشترك، عدد كبير بالطبع، لكنه لا يقارن بأربعة ملايين مشترك بنفس الصفحة الآن بعد تغيير الأسلوب الذي يتم من خلاله اختيار الأخبار وطريقة عرضها للجمهور.

ينظر جورج صبري للملايين الأربعة بفخر وحذر في الوقت نفسه، فخر بأن فريقا مكونا من خمسة أشخاص فقط نجح في الوصول بمتابعي أخبارك.نت لهذا الرقم الضخم، وبحذر لأن الوصول للقمة يتطلب مجهودا أكبر للحفاظ عليها كما أن الفيس بوك يجري كل فترة تعديلات في نظام المتابعة يتطلب أن يبتكر المحترفون في عالم الصحافة الرقمية المزيد من وسائل الوصول للجمهور.

“ماذا لو فقدنا فيس بوك؟ ” يطرح جورج السؤال انطلاقا من دردشة حول ما تفعله معظم المواقع المصرية حاليا من أجل الترافيك، الأمر تحول إلى “هوس سيضر الجميع على المدى الطويل” ، يقول جورج ويضيف أن المواقع التي تظن خيرا في العناوين المجهلة والخادعة قد تحصل على قراءات مرتفعة اليوم لكنها في الغد ستفقد مصداقية يؤكدها تطور قدرة القارئ على استشعار محاولات الخداع التي يتعرض لها يوميا، فانت تستطيع أن تخدع القارئ مرة بعنوان مشوق وأخرى بصورة عارية ولكنك مستحيل أن تخدعه أكثر من 5 مرات مثلا، وفي حالة فقدانك لثقة القارئ فتأكد أنها لن تعود مهما فعلت.

يتحفظ رئيس تحرير مواقع سرمدي عن ذكر أسماء تلك المواقع، انطلاقا من كون فلسفة أخبارك.نت هي التعامل بعدالة مع كل مصادر الأخبار، حتى تلك التي تنافس موقعي في الفن وفي الجول، لكنه يضرب مثلا بمواقع إخبارية شكلا هي متقدمة في سباق أهم 100 موقع مصري حسب ترتيب إليسكا، لكن لا يحترمها لا المعلنون ولا القارئ المخضرم .

احترام القارئ يراه صبري سببا رئيسيا في وصول أخبارك.نت للمستوى الذي هو عليه الآن وتراجع كل المنافسين، عدم الإنحياز لتيار سياسي معين، عدم الإنحياز لمصادر أخبار محددة، محاولة انتقاء الأخبار الأكثر تداولا وإعادة تصديرها للجمهور عبر محرك ذكي ومحايد يستطيع التقاط العناوين والتفاصيل المثيرة للاهتمام وتصنيفها في زاوية الأكثر أهمية دون أدنى تدخل بشري .

البشر يتدخلون نعم، لكن في النهاية عندما يتم كتابة العبارات التي سترفق بالروابط على صفحات الفيس بوك وتويتر، غير أن أخبارك.نت لاتزال تمتلك أقل من 100 ألف فولور على موقع التغريدات القصيرة، يفسر صبري ذلك بالركون دائما للاحصاءات التي تؤكد أن أكبر كم من القراء يأتون عبر فيس بوك، فيما لازال متابعو تويتر يفضلون الإطلاع فقط على العناوين، لكنه في الوقت نفسه ينصح القائمين على المواقع الإخبارية بتنويع طرق التواجد على مواقع السوشيال ميديا، يلفت الإنتباه إلى أن جوجل لاتزال قادمة بقوة في هذا المجال رغم ما تردد عن فشل “جوجل بلس”، ويرى أهمية أن لا نظل تحت رحمة “الفيس بوك” الذي قد ينقلب على الصفحات المليونية في أي لحظة .

يعود جورج مرة أخرى لنفس السؤال “ماذا لو فقدنا الفيس بوك” وقتها لن يفلح الباحثون عن “الترافيك”، ستعود الصحافة مجددا لمن يكتب أفضل، لمن يقدم قصصا حقيقية ويبتعد عن العناوين المزيفة،ومن يقدم محتوى مبتكر بعيدا عن تقليد المواقع الأجنبية، إذا لماذا لا تبدأ الصحف في مراجعة سلوكياتها في هذا الإتجاه من الآن، يكرر التحذير بأنه خلال عامين لن تنجح الصحف في خداع القارئ وسيزول “هوس الترافيك” شاء المؤمنون به أم رفضوا، فحتى لو رأى القائمون على بعض المواقع أنهم أذكى من القراء، فعليهم أن يتذكروا أن القائمين على مواقع التواصل الاجتماعي يطورون يوميا من قدراتهم لكشف ألاعيب من يريدون النصب على القارئ، وأصبحت محركات البحث على سبيل المثال تضع بعض المواقع في قائمة سوداء مهما ادعت تلك المواقع أنها تضم المحتوى المطلوب البحث عنه ومهما كتبت عناوين مشوقة.

المزيد لازال في جعبة رئيس تحرير مواقع سرمدي، مثلا على الصحف أن تهتم بصفحاتها الداخلية بعدما عزف القراء عن متابعة الصفحات الرئيسية، مواقع السوشيال ميديا عودت القارئ على الدخول إلى اللينك مباشرة، بالتالي هو يتصفح من خلال هذا اللينك، والأهم هنا أن يدخل على عدة روابط أخرى قبل أن يخرج فيكتسب الموقع قراءات أكثر، هذا الإنتماء المطلوب ان يشعر به القارئ لن يأت إلا بمجهود مضاعف وبمضمون قوي، أما محاولات التذاكي على القراء ومواقع التواصل الإجتماعي فلن تنجح طويلا عكس ما يظن المهوسوون بالترافيك.

اقرأ أيضًا:

شيزوفرينيا محمد لطفي.. بين فستان هيفاء وهبي وذات الرداء الأحمر

محمد عبد الرحمن: قنوات بير السلم.. مش هتقدر تغمض عينيك

محمد عبد الرحمن: فوبيا «بشرة خير»

محمد عبد الرحمن: ما لا تعرفه عن حمزة نمرة

محمد عبد الرحمن: فتاة من شيكاغو

محمد عبد الرحمن: شريف عامر.. يتحدى الملل

محمد عبد الرحمن يكتب: فستان هيفاء وهبى

يمكنكم متابعة الكاتب من هنا

تابعونا عبر تويتر من هنا
تابعونا عبر الفيس بوك من هنا